الديمقراطية في خطـــــــــــــر :
من الملاحظات ضمن سياق عمليات الإقتراع في الخارج نبدي ما يلي : أولاً – إنّ الإنتخابات شكلية وتنذر بتشكيل عدة معارضات ضعيفة وهجينة مقابل شبه نوّاة سلطة متماسكة . ثانيًا – البلاد تبدو حاليًا وبعد إتمام عملية الإقتراع على كل المستويات داخليًا وخارجيًا تسير على غير ما يُرام فهي عاجزة عن التقدم سواءً في الإقتصاد أو حتى السياسة . ثالثًا – ليس بمقدور المنظومة السياسية ترجمة نتائج الإنتخابات لصالحها وبالتالي ليس بإستطاعتها تشكيل نظام سياسي جديد على مستوى مجلس النواب ، وعلى مستوى إستحقاق رئاسة الجمهورية وعلى مستوى تشكيل الحكومة . والخريطة النيابية ستكون حتمًا على الوجه التالي : ضعف وشرذمة في القرار المسيحي ، وضياع لدى الشارع السُني ، وإستفادة على مستوى الشارع الشيعي .
إنّ الهدف الأساسي من الإنتخابات في النظم الديمقراطية هي : الحرية والكرامة وهذان أمران غير متوفران حاليًا في لبنان والأسباب كثيرة نختصرها بعدم وجود رؤية لدى المراجع السياسية والروحية ،فكل الأحزاب التي تتنافس ضمن هذه العملية تتنافس من وجهة نظر تتكون ممّا يلي : على الصعيد المسيحي : تناتش غير منطقي وبالتفصيل المقتضب : تيار عون : يهدف إلى تمديد وصايته على البلاد عبر تأمين كتلة نيابية مع أحلاف جديدة تؤمن له المدخل الرئيس لمواصلة سيطرته على قصر بعبدا وباقي الأمور عنده تعتبر تفاصيل ، ولا غرو في الشعارات التي يطرحها كل هدفها تضليل الرأي العام وكسب رضاه . تيار القوات اللبنانية : الظاهر أنّ هناك قناعة ترّسخت عند القواتيين أنهم غير قادرين وحتى عمليًا غير مرغوب فيهم على مستوى رئاسة الجمهورية ، من هنا ينصب الجهد لتأمين كتلة نيابية يستطيعون من خلالها اللعب على مستوى ترجيح كفة على كفّة .تيار فرنجية : هذا التيار لا إمتداد له على مستوى لبنان بل محصور في قضاء زغرتا ومبدئيًا في قضائي البترون والكوره ولكنه لا يُرجح فوزه بكتلة وازنة . أما فيما خص كتلة الكتائب : فهم على دراية تامّة أنهم غير قادرين على تأمين كتلة نيابية وازنة في المجلس النيابي ، ومن هنا ينحصر عملهم السياسي بما يُعرف بعمل خجول تحت ستار الإعتراض والهدف بقائهم موجودين على الساحة السياسية . أما ما يُحكى عنه “الكتلة المستقلة” فهي حاليًا تتمثل بالكثير من الذين يستظلّون فكرة النضال ، أما هم عمليًا فليسوا أكثرية ومنهم النائب المستقبل نعمة إفرام الذي يُحاول إعادة تموضعه على الساحة السياسية ، وينطبق هذا الأمر على النائب المستقيل ميشال معوّض . أما على الصعيد الإسلامي : الموضوع بغاية الدقة : الحريري دفع ثمن رهانه على إنتخاب ميشال عون وهو مُقيّد على المستوى الإقليمي والدولي الثنائي الشيعي : يُحاول إصطياد الفرص والدفع بعجلة إصلاحية تُقلّص ما تبقّى من صلاحيات المسيحيين والسُنّة . الدرزي : يتعرض لمحاولة قضم جد قاسية وعلى ما يبدو ينطبق ما قاله الزعيم الدرزي : “إننا أمام مرحلة إغتيال سياسي بعد الإغتيال المعنوي” .
الصورة وفق وجهة نظرنا : مأساوية ، سوداوية ، ومرّدها إلى العناصر المشتتة التي تفتقر إلى منظومة سياسية مشتركة وستؤدي هذه الإنقسامات المتتالية داخل المعارضة ( إذا في معارضة ) إلى إنتشار مجموعات سياسية سيموّلها مرجع معين لإخفاء الحقائق ولضرب الديمقراطية .
إنّ الوضع بحاجة إلى إصلاح جدّي من أجل تعزيز الحياة السياسية وترشيد العمل السياسي .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ