بقلم : سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ : سياسة العار والمصائب …..

“ليس حُرًا من يُهان أمامه إنسان ولا يَشْعُر بالإهانة ” نيلسون منديلا ، فعلاً هناك في لبنان أزمة ضمير يستتبعُها أزمات فصولها باتت تُرهق الشعب اللبناني . في وطني لبنان الممارسة السياسية للأسف لا تخضع للقواعد الأخلاقية والمثاليات بل للمصالح وللألاعيب القذرة التي يُمارسها بعض من إمتهنوا سياسة العار . سياسة عار معطوفة على مصالح خاصة محلية تلعب على وتر مصالح دولية أنهكت الدولة وشعبها ولقد نجحوا للأسف في تطويق الديمقراطية وأفرغوها من مضمونها لا بل إغتصبوها أمام مرأى الجميع دونما خجل .
غالبًا ما يتصل بي أحد الوافدين إلى فرنسا حيث أقيم منذ سنين لنتباحث في أمور وطننا وللوقوف على رأيي من مجرى الأحداث كمغترب أخجل من مقاربة أوضاع بلد القدّيسين بلد الطهارة ، بلد يحتضن رفات أهلنا وهؤلاء بأجمعهم مشاريع على طريق القداسة ولكن الشيطان السياسي يُمعِنْ في إدارة وطن تعبوا وناضلوا وحموه بدمائهم وعرق جبينهم حيث حوّلوا الوعر إلى أرضٍ خصبة … ولكن الأرض ستعود طاهرة ورفات الأهل سيُقدّسْ بفعل نضالنا النبيل ومن له أذن فليسمع .
نعم يأتيني العديد من اللبنانيين لمناقشة أمور الوطن ولما آلت إليه الأوضاع العامة في البلاد ،نعم الجميع يستغرب تصرفات أهل السياسة عندنا ولكن عمليًا هذه الطبقة تتصرف طبقًا لمصالحها حتى لو تصادمت هذه المصالح مع المبادىء والأخلاق أحيانًا ولكن من إمتهن مهنة الدعارة السياسية أيخجل من أدائه السيء!؟ بعد خبرة متواضعة في النضال الوطني ومن أرض الغربة وبعد مشوار طويل أعتبر أن في عالم السياسة اللبنانية كل شيء ممكن حيث ثمة أهداف خارجية ومصالح بعيدة المدى … في عالم السياسة اللبنانية لا يُدرك أي متابع كيف تتشابك المصالح ،أعجبتني مواقف الكتل النيابية بعد الإستشارات التي أجراها كل من رئيس الجمهورية وما تلاها من إستشارات أجراها “الرئيس المُكلّف” جميع الكتل أجمعت أنها غير معنية بالتسمية وتحجّجت إما بعدم التسمية وإما بورقة بيضاء ولكنها إعتمدت أسلوبًا ملتويًا نتيجته تسمية الرئيس ميقاتي وأكملت الفصل الثاني من المؤامرة ومن على باب مجلس النوّاب حيث أصدر البعض منها موقفًا مغايرًا للواقع قائلاً “لا نرغب المشاركة”. كل هذه الأساليب السخيفة هي بحكم تحقيق هدف القضاء على الدولة وتجيير سيادتها للغريب وإستعمال الأرض اللبنانية ورقة إبتزاز في يد الغريب مقابل الجلوس على كرسي نهشته التبعية والإنهزامية المغطاة بالعار السياسي الذي لا مثيل له في كل الأنظمة الكونية حتى في الأنظمة التوتاليتارية .
أكثر الشعارات السياسية التي نسمعها تلك التي يُطلقها تجار السياسة في لبنان والتي تدعوا إلى إمتلاك الحقيقة المطلقة والأنكى ما بات يُعرف ب”تدوير الزوايا”، وكل هدف هؤلاء ضرب الرأي العام الحُر المُصادر بموجب قوانين إنتخابية صيغتْ على قياس عصابة تتحكّم بزمام الأمور وتدّعي الطهارة وهي أشبه بالعاهرة التي تبيع كرامتها من أجل مبلغ من المال وتحديدًا هؤلاء تجار السياسة باعوا الوطن من أجل الجلوس ضمن مركب يُبحر في بحرٍ أمواجه عاتية تحمل الذل والعار للوطن وللشعب . أكثر من لفتني منذ يومين عندما تواصل معي أحد أبناء قضائي بلاد جبيل مفاتحًا أنهم أي مجموعته السياسية لن ترضى بأن تمُر الأمور بالطريقة التي هي عليها وكأني به لا يُدرك أنني أعلم بكل تفاصيل منظومته السياسية المنتهجة وكأني به لا يعلم أن النائب الذي يُمثله أتى إليَّ طالبًا مني دعمه في مسيرته التجديدية … حقًا إنهم شعب مُضلّلْ يعتبر أنّ أفعال المسؤولين عنه طاهرة ولكنه يُحجم عن معرفة الحقيقة ويجتهد لممارسة الغباء السياسي وتطبيقه على نفسه مع سلطة فاسدة .
نعم كل الأطراف السياسية في لبنان ومن دون إستثناء تحاول توظيف السياسة لمصالحها وهكذا فالسياسة هي طريق إلى المصالح الخاصة ومن هذه الناحية ليس من الممكن المراهنة على هذه الطبقة السياسية الفاسدة والتي لا علاقة لها بالديمقراطية ومصالح الناس والوطن عدا أنها عمليًا تشكيلة من الشعارات المستوردة التي إنتهت صلاحياتها وبات لِزامًا على الشرفاء التحرك لوضع حد لهذا العار السياسي الممارس . مع كل ذلك أضع نفسي ومكاتبي في بيروت كمركز للتغيير ومصدرًا شرعيًا لسلطة مستقبلية ضرورية لإدارة شؤون دولتنا المخطوفة والتي طال وقت خطفها ، فإلى العمل السليم وبخوف الله .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 1 تمّوز 2022