سياسة

سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ : الإحتكام إلى القانون الدولي أمر مُلّحْ ولكن بضوابط معينة

الإحتكام إلى القانون الدولي أمر مُلّحْ ولكن بضوابط معينة
خبرتُ كل الأنظمة وزرتُ أغلبية بلدان العالم نظرًا لمهنتي التي تتطلب السفر وإقامة الأنشطة التجارية لا طمعًا بالمال بل طمعًا بتحسين ظروفي العائلية وتأمين لقمة عيشي وعيش عائلتي من عرق جبيني لا كما يفعله سيّاسيّو لبنان أي تأمين الأموال من جنى عمر اللبنانيين … عاصرتُ وتعايشتُ مع أنظمة ديمقراطية تحترم حقوق عمّالها ومواطنيها ووافديها ، هدف تلك الدول من الديمقراطية هو الحكم وتأثير الحكم على المعيار الأساسي لقياس مزايا وعيوب الممارسة الديمقراطية ، حيث أغلبية هذه الدول تحترم القانون وتُلزم مواطنيها ووالوافدين إحترامه وتسمح لهم بالتعبير عن أرائهم وتسعى من خلال مجالسها البرلمانية إلى إحداث تغيير جذري وتطوّري في بعض قوانينها عملاً بإحتياجات الشعوب ومطالبها المحقّة .
على مر السنين كان إضطراب النظام اللبناني يُصيب الشعب اللبناني بالويلات ،لقد تمّ التطاول على النظام الديمقراطي مرارًا وتكرارًا لا بل وإستنادًا إلى العديد من الدراسات التي شارك فيها مكتبي في لبنان أنّ طعن الديمقراطية سجّل رقمًا قياسيًا في قضم العمل الديمقراطي وكان أخرها الإنتخابات الأخيرة وأكتفي بما صدر باللغة الفرنسية Preliminary Statement 2022 .
لقد وصلت الفوضى في ممارسة النظام إلى نقطة نشعر ويشعر كل لبناني ومعنا المجتمع الدولي باليأس والسبب في هذا القنوط هو الجدل السياسي القائم بين المكوّنات السياسية التي من المفترض أن تولي مصلحة الوطن ومؤسساته ولكن عمليًا تولي مصالحها المعطوفة على مصلحة خارجية فتكتْ كالجراد بالأخضر واليابس ولا حاجة للتذكير بحرب ال 14 حيث كانتْ أخف وطأة من جراد حُكّام لبنان .
غالبًا ما يتباهي حُكّام لبنان بما يُعرف بالتصميم العبقري للنظام الديمقراطي في لبنان ومع ذلك فإنّ الوقائع تقول بأن نزوة حق النقض التي ولّدها هذه التصميم الهمايوني والذي يتشدّقون به كل يوم وبسببه يتم تعطيل عمل المؤسسات ويُصيبها الشلل وبالتالي يصعَبْ إتخاذ القرارات كما صار معلومًا … الخلافات بين الطبقة السياسية مستحكمة وتغيّر المناخ الديمقراطي وتُسبّب العفن السياسي هم من سمات المرحلة ولا حاجة للتذكير بوقائعها المقية.
إستنادًا لمستشاري القانوني المحلي والدولي ، وبعد إعداد دراسة مستفيضة عن واقع الحال في لبنان إنّ الإحتكام إلى القضاء مبدأ أساسي لسيادة القانون ، وفي غياب الإحتكام إلى القضاء يعجز الرأي العام عن إسماع صوته وأوجاعه أو حتى ممارسة حقوقه ، أو تحدّي التطاول على القوانين ، أو تحميل صانعي القرارات المسؤولية . وتُشدّد الإستشارة المحلية المعطوفة على دراسة دولية على حق جميع اللبنانيين بمن فيهم الأفراد المنتمون حتى إلى فئات مستضعفة في لبنان في اللجوء إلى العدالة على قدم المساواة ، وتؤكد الدراستين إلتزام الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة بإتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتوفير مشاريع قوانين تتسِّم بالنزاهة والشفافية وتخضع للمساءلة على نحو فعّال دون تمييز وتتيح للجميع إمكانية اللجوء إلى العدالة إستنادًا إلى الفقرتين 14 و 15 وتمثل أنشطة الأمم المتحدة الداعمة لجهود الدول الأعضاء لكفالة اللجوء إلى العدالة عنصرًا أساسيًا في العمل في مجال سيادة القانون .
إخواني في لبنان ،أعرف وحتمًا أعيش الألم معكم وخصوصًا مع الجيل الجديد المحروم كما السابق من أبسط حقوقه المشروعة نعم الإحتكام إلى القانون بات أمرًا مُلحًا ولكن علينا أن نتيقّن أننا نتعامل مع عصابة سلطوية تُمسِكْ بوطننا بقبضة حديدية محكمة لذلك علينا التعامل مع هذا الأمر بطريقة جدّية وبغية تعزيز إحتكامنا إلى القضاء ومن المتعارف عليه تعمل منظمة الأمم المتحدة مع الشركاء الوطنيين لوضع خطط وبرامج إستراتيجية وطنية لإصلاح العدالة وتقديم الخدمات ، كما تدعم كيانات الأمم المتحدة الدول الأعضاء لتعزيز العدالة في مجالات تشمل : الرصد والتقييم – المساعدة القانونية – المجتمع المدني – الوعي القانوني المساعدة القانونية – المجتمع المدني والرقابة البرلمانية – التصّدي للتحديات في قطاع العدالة مثل وحشية التعاطي من قبل الشرطة مع المتظاهرين – الإحتجاز الطويل الأمد – الأحكام التعسفية … كلها إنْ أحسنّا تنظيمها ربحنا معركة التحرُّرْ من هذه الطبقة السياسية الفاشلة ونجحنا في إقامة نظام ديمقراطي سليم وإستعدنا وطنًا دمّرته المصالح الخاصة . لمن يهمه الأمر ويرغب في التعاون فأهلاً وسهلاً به في صفوفنا ومرحبٌ به في كل حين وفي مكتبنا اللبناني . والله وليُّ التوفيق .

سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ

فرنسا في 7 تمّوز 2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى