سياسة

بقلم: سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ : نرفض أسلوب الرسائل المُشفّرة …..

إنّ الخوف على مصيرنا كلبنانيين ومسيحيين وكموارنة في هذا الوقت بالذات لا يقّلْ عمّا كان عليه أثناء حرب الأخرين على أرضنا . فأسباب هذا القلق المستمّر تعود إلى شعورنا بأنّ عددًا من القضايا الكبرى التي تهدِّدْ مستقبلنا في وطننا لبنان لا تزال عالقة بدون حل ، لا بل تتأزم يومًا عن يوم وكان أخرها الرسالة السمجنة التي وصلت عبر القضاء اللبناني وجهاز أمني لسيّد صرح بكركي ، وهذا أمر مُدان وغير مقبول ومن غير الطبيعي السكوت عن هكذا تصرُّفْ .
نعم نحن قلقون لأنّ الأوضاع العامة في البلاد خطيرة ولا مصالحة من قبل الدولة مع شعبها ، لا بل دولة مُصادرة إمّا بقوة السلاح وإمّا بضرب هيبة الديمقراطية وإذا جاز التعبير ب سبي الديمقراطية وكان أخرها الإنتخابات النيابية حيث تمّ السطو على أهم معقل تشريعي في البلاد بنسبة 41 % من الناخبين وإذا ما تحققنا من هذه النسبة نلاحظ أنها جزء كبير من المُضلّلين والمنتفعين وبائعي الضمير . كل هذه الأعمال التي تقوم بها السلطة أو “سلطة الأمر الواقع ” أوصلتنا إلى عدم تحقيق التوافق الوطني بين الشعب اللبناني ولا دولة باسطة لسلطتها على كامل أراضيها ولا ثقة لبنانية بالدولة وحتى لا ثقة عربية ودولية بالنظام القائم حاليًا … وهذا أمر مؤسف من الضروري معالجته .
نحن أمام إستفحال الأزمة الإقتصادية الحادة وعجز النظام عن القيام بواجباته ، الأمر الذي فاقم الأزمات المعيشية والمالية وزاد من الهجرة الجارفة التي تسببت بإفراغ البلاد من معظم نخبه الشابة والحية . والمعالجات أقل ما يُقال عنها أنها معالجات عقيمة وفولكلورية ، ومن المؤسف أنْ نرى رمزّا قضائيًا وأمام الشاشات يرتكب حماقة مهاجمة مقر رسمي عام بحجة مداهمة لتوقيف مدير عام ، وتنتهي القصة ب ” ما لئيني ” ، هل القضاء أصبح بهذا الحجم ؟ ونطرح سؤالاً في هذه المناسبة : من جدّد لهذا الحاكم ؟ ومن أشرف على إدارته لحاكمية مصرف لبنان ؟ ومن هي الجهة المخوّلة محاسبته ؟ أين كنتم يوم تمّ التجديد له ؟ نريد جوابًا لو سمحتم ، والجواب نريده موضوعيًا وإلاّ ما تتعذبوا صرنا سامعين كتير تبريرات …
نعم إنّ الأخطار تتصاعد والرسائل المُشفّرة تصلنا من الداخل والخارج ، وكل هذا مرّده لتنكُر بعض اللبنانيين للنصوص الدستورية وللقوانين الدولية واللبنانية المرعية الإجراء ، سلاح غير شرعي يصول ويجول في كل أرجاء الدولة اللبنانية بهدف القضاء على كل رمز شرعي وتحديدًا على ما تبقّى من مؤسسات رسمية ، ويأتيك من يقول ” نحن نحافظ على الوطن ” أي محافظة على هذا الوطن وأنتم تُصادرون كل مقومات الحياة وتستبيحون السيادة الوطنية وتدّعون حماية الجمهورية ، وأنتم فعليًا تخططون لقيام نظام جديد تحت أمرتكم وبتغطية من مسيحيين باعوا ضمائرهم وعرضهم وكرامتهم ووطنيتهم .
نحن أمام حالة شاذة وهي غياب الحوار الصادق والواعي والديمقراطي ، حول القضايا الأساسية التي تشكِّلْ ركائز التعاقد الوطني في ظل سلطة تدّعي على مواطن وعلى رجل دين وتستبيح كرامته وتوقفه غُبَّ الطلب يقينًا منها أنها ستوصل بهذه الطريقة رسالة مُشفّرة للبطريركية ، هذا أمر مهيب وملعون ومرفوض … إنّ تجميد السلطة القائمة لآليات إستعادة السيادة الوطنية أمر مُدان والمحمية بسلاح غير شرعي آتٍ من إيران تحت حجج واهية وساقطة والبرهان أنّ هذا السلاح يُستعمل ويُستغّل في الداخل ويوّظف غبّ الطلب في كل الأقطار العربية تحت حجة منع الأصولية من التمدُدْ ، وكأني بالشعب اللبناني فاقد لذاكرته الخصبة لن يتذكر كيف تمّ تهريب المجرم شاكر العبسي ، وكيف تمّ تهريب الإرهابيين من عرسال .
نرفض أي رسالة توّجه إلى اللبنانيين بالطريقة التي إستعملت هذا الأسبوع ، إنّ الحوار هو الخيار الأسلم ، بل السبيل الوحيد لحل كل الخلافات مهما بلغت حدّتها منها : السلاح الغير شرعي – التدخل الإيراني المخالف لأبسط مندرجات العلاقات الدبلوماسية مصادرة الديمقراطية … العنف لا ينفع ولا يُخيفنا ، لا بل يزيدنا عزيمة المواجهة … كفى تحركات مفتعلة ومظاهر منافية لمنطق الحوار ، لا بل هي محاولة يائسة للإيهام بأنّ البلاد ممسوكة وهي بوصايتكم … خسئتم يا سادة .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ

فرنسا في 22 تمّوز 2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى