سياسة

رغم الإعتراف والتطبيع العربي : الكيان الاسرائيلي مؤقت !

كتب الوزير السابق الدكتور عدنان منصور :

قد يتصور كثيرون في العالم، وبالذات المهرولون “العرب” للإعتراف بالكيان الصهيوني، ومن يقف الى جانبهم ويروج للتطبيع مع العدو، أن القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني طويت الى غير رجعة. وأن عهدا جديدا بدأ يسود ويطغى في عالمنا العربي، وفي منطقة الشرق الاوسط ، ليدخلهما في العصر الإسرائيلي الجديد.
لا يريد العدو الإسرائيلي منذ تأسيس كيانه غصبا، أن يقتنع بمنطق التاريخ وحركته ، أن لا قوة تستطيع أن تلغي شعبا من الوجود ، يتمسك بارضه وتراثه وجذوره، وإن توفرت لها مؤقتا عوامل إقليمية ودولية للحفاظ على وضعها الشاذ ، وحكم الأمر الواقع.
لا يريد الصهاينة ومن معهم، ان يقتنعوا بأن مقاومة الشعب الفلسطيني للإحتلال، لا تنتهي بالإتفاقيات والتسويات والصفقات على حسابه. وأن الوضع غير الطبيعي في العالم العربي لن يبقى على حاله للابد ، وأن الاجيال العربية والفلسطينية ستظل تتوارث المقاومة من جيل الى جيل، وإلى يوم موعود لا مفر منه.
الطغاة المحتلون، والخونة المتخاذلون وتجار القضية ، لا يقررون أبدا مصير فلسطين وشعبها، ولا يفاوضون عنها وعنه، مصير فلسطين ومستقبلها يقرره شعبها المقاوم ، الذي تجاوز سلوك ورهانات وسياسات السلطة الفلسطينية وترهلها، وكشف الانتهازيين والعملاء الذين يعملون من الداخل على تصفية قضيته .
السلام العادل لن تحققه ” اسرائيل”، وإن سعى اليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي قال على وسائل الأعلام يوما : ” نريد أن نلتقي مع جيل الشباب في اسرائيل ، الجيل الذي نعمل هذه الأيام من اجل مستقبله ، من أن يعيش بأمن واستقرار في هذه المنطقة ” (!!!)… “نريد السلام مع اسرائيل أولا، اسرائيل جارتنا، نريد ان نعمل سلاما معها، ونعيش في سلام معها…(!!!).
أي سلام ينادي به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس،وما هي الخطوات التي تقوم بها السلطة وهي تشاهد يوميا ممارسات “اسرائيل” في تهويد القدس، ومصادرة الأراضي ،وبناء المستوطنات، وطرد الفلسطينيين من ديارهم ،واصرارها على فرض سلام الأمر الواقع، المبني على مفهوم القوة والاحتلال ، مفهوم ترفضه المقاومة الفلسطينية بالشكل والأساس.
ستتعب ” اسرائيل” ولن تتعب المقاومة،
التي سيظل سيفها
مسلطا على رقبة الكيان ، الذي لن ينعم بالأمن ولا بالسلام رغم كل ما ينجزه ويحققه من مكتسبات في الوقت الحاضر…إذ يبقى شعب فلسطيني ، قنبلة في خاصرة اسرائيل ، تقض مضجعها باستمرار، لن تجعل المحتلين يعيشون بأمان واستقرار . جرثومة غريبة دخلت في جسد الامة لن يكتب لها الاستمرار والبقاء مهما طال الوقت، وأيا كان الرهان.
كيان غاصب لم يعد يقتنع باستمراريته ، رغم قوته ، حتى العديد من الساسة والاعلاميين الصهاينة . إنه صراع مستمر بين ارادتين، لن يتوقف الا بانكسار ارادة الاحتلال.. ستبدي الايام للصهاينة وأعوانهم، أنه على الرغم مما حققته “اسرائيل” من “إنجازات ” واعتراف وتطبيع مع بعض “العرب”، فإنها لن تستطيع أن تقضي على القضية الفلسطينية وتنهي حالتها، وتؤسس لوضع جديد ملائم لها في الشرق الاوسط .
إن الارادة الفلسطينية في نهاية المطاف ، ستكسر لا محال شوكة المحتلين.
إن الصراع طويل ، ولن يتوقف بين المقاومين والمحتلين . الفلسطينيون على ارضهم صامدون، صابرون ، متربصون، مقاومون ،ينتظرون الساعة، والصهاينة سيظلون يعيشون هاجس الأمن، والسلام والاستقرار والبقاء.
فأي استقرار وبقاء وأي أمن هو هذا الأمن الذي يتطلع اليه نتنياهو الذي
قال : ” في الشرق الاوسط يتقدم الأمن على السلام ومعاهدات السلام ، وكل من لا يدرك هذا، سيظل دون أمن ودون سلام”.
“اسرائيل” وإن وقعت معاهدات سلام مع بعض العرب، إلا أنها بكل تأكيد ، لن تحقق الأمن والأمان والاستقرار للمحتلين الصهاينة ، طالما هناك شعب مقاوم مصر على انتزاع حقوقه بالمقاومة والقوة.
أبراهام بورغ ر ئيس الكنيست الاسرائيلي الاسبق، واحد ابرز الوجوه الصهيونية يكشف في كتابه : ” هزيمة هتلر” “Vaincre Hitler” ، واقع ومأزق اسرائيل وقلق شعبها ليقول :” إن دولة ” اسرائيل” التي كان يتوجب عليها، توفير ملجأ ٱمن للشعب اليهودي، أصبحت بالنسبة له المكان الأكثر خطورة …..
لنغمض أعيننا، ولنحاول أن نسأل أنفسنا ، أي مكان أكثر أمنا للعيش : في القدس ، مدينة مقدسة ومتفجرة ؟في الخليل، مدينة الثلاث اسباط للأمة الممزقة بين مختلف المتحدرين من ابراهيم ؟ أم في نيويورك رغم هدم البرجيين على يد الأصولية ؟ يبدو لي أن كثيرين سيجزمون ان نيويورك هي أكثر أمنا على المدى البعيد من الدولة اليهودية ولو أنها مدججة حتى النخاع بالقنابل الذرية “…
“إن حضور الموت الذي لا يتوقف في حياتنا _يقول بورغ_
المرتبط بحروب “اسرائيل”, لا يؤدي إلا إلى الإكثار من المجازر والدمار والإبادة التي يتلقاها شعبنا .لهذا فإن الأموات في هذا البلد لا يرقدون ابدا في سلام، إنهم دائما نشطون ،دائما حاضرون ، دائما ملازمون لوجودنا التعيس…..لقد ربحنا كل الحروب ، ومع ذلك، نحتفظ بشعور عميق بالخسارة……
إن الحرب لم تعد استثناء لنا ، بل أصبحت قانونا ، وطريقة عيشنا، طريقة حرب تجاه الجميع….”
إن صراع الارادات وحسم الأمور يتم في الميدان، سيحدده ويرسم طريقه شعب مناضل حي ، ٱل على نفسه أن يصمد ويقاوم ، ليسترجع بالقوة
حقوقه المشروعة وإقامة دولته على أرضه ،واستعادة ما خسره على مدى قرن من الزمن.
متى سيقر الصهاينة في تل أبيب ،بعد 72 عاما من تأسيس كيانهم الغاضب ، أن فلسطين ليست أرضا بلا شعب ،وأن الفلسطينيين ليسوا بوارد نسيان وطنهم وارضهم ، وتاريخهم وحقوقهم القومية!!
سيأتي اليوم الذي سيقر به الصهاينة، ان زج المقاومين في السجون، والمعتقلات ،والقيام بممارسات الإرهاب، والتخويف والتعذيب ، وهدم البيوت، والحصار، والقمع والتجويع، لن يوفر لهم الأمن ولا السلام الهش الذي بمنحه لهم بعض المهرولين العرب ، ولن يمنع المقاومين من الوصول الى عقر دارهم وتصفية الحساب معهم.
أيها الصهاينة، إعلموا جيدا ، أنكم تواجهون أصلب وأقدر وأصعب وأشجع شعب، واكثر صبرا وعزيمة في تاريخ النضال الوطني للشعوب الحرة في العالم، لذلك سينتصر عليكم الفلسطينيون ومعهم كل أحرار الأمة ، وستهزمون، ولن يفيدكم في ما بعد ، دعم الطغاة في العالم لكم، أو اعتراف أو تطبيع أو تطبيل جاءكم به مرتد من هنا أو هناك .

رئيسة التحرير : لينا قاروط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى