سياسة

في يوم الصحة وذكرى تأسيس المنظمة الاستراتيجية الوطنية ستسهم بإعادة هيكلة النظام الأبيض: مشاريع مرتقبة أبرزها الرعاية الأولية والخطة الوطنية للسرطان

أعرب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن ثقته بأن “الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي – رؤية 2030” التي تم إطلاقها في بداية هذا العام، ستسهم في إعادة هيكلة النظام الصحي ليصبح أكثر إنصافا وتكاملا وفعالية، متوجها لما يلقاه لبنان من مؤازرة في هذا المجال من منظمة الصحة العالمية.

كلام رئيس الحكومة جاء في كلمة مسجلة ألقاها خلال الإحتفال بيوم الصحة العالمي تحت شعار “الصحة للجميع” والذي يصادف هذه السنة مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس منظمة الصحة العالمية، وقد تخلله إطلاق لقب رجل منظمة الصحة العالمية لهذا العام في لبنان على الدكتور جاك مخباط لجهوده الطبية والإنسانية.

حضر الحفل الذي أقيم في اليونسكو، وزراء الصحة العامة والصناعة والزراعة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس الابيض وجورج بوشكيان وعباس الحاج حسن، السفير الألماني في لبنان أندرياس كيندل، النواب: بلال عبد الله، ميشال موسى وفادي علامة، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران رضا، ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد القادر أبو بكر وشخصيات دبلوماسية ونقابية وطبية وممثلون لمنظمات غير حكومية معنية بالقطاع الصحي.

الرئيس ميقاتي: “كان بودي أن أشارككم اليوم مباشرة هذا اللقاء بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس منظمة الصحة العالمية، ولكن تزامن الحفل مع الجلسة العامة لمجلس النواب حتّم أن تكون مشاركتي معكم عبر الاثير. بداية أحيي منظمة الصحة العالمية واقدر جهودها ومواكبتها الدائمة بمهنية وسرعة لكل التحديات الصحية في العالم. كما أن الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للمنظمة هي لحظة للتوقف وإلقاء نظرة على النجاحات السابقة في مجال الصحة العامة والابحاث العلمية وطرح الحلول للامراض المزمنة والتضامن لمواجهة تحديات المستقبل. كذلك فإن الشعار الذي اطلقتموه لعيد تأسيس منظمة الصحة العالمية هو شعار صالح لكل زمن، وهو خير تعبير عن الروح الانسانية العالية في مقاربة الملف الاهم الذي يواجه العالم بأسره والتعاطي بالمساواة مع الجميع”.

وشكر رئيس الحكومة منظمة الصحة العالمية على “مواكبتها الدائمة للهموم الصحية اللبنانية ومؤازرتها الحثيثة للبنان، من خلال التعاون المستمر مع وزارة الصحة ومعالي وزير الصحة الدكتور فراس الابيض”.

وقال: “إننا على ثقة بأن الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي – رؤية 2030 التي اطلقناها بداية هذا العام ستسهم في إعادة هيكلة النظام الصحي ليصبح أكثر إنصافا وتكاملا وفعالية، مما يضمن الوصول الشامل إلى رعاية عالية الجودة مرتكزة على الأفراد. وبالتوازي، فإننا في اجتماعات متواصلة مع معالي الوزير، لمتابعة المشكلات والتحديات الآنية، وتأمين استمرارية القطاع الصحي والاستشفائي، والتعاون مع المستشفيات الخاصة لتذليل العقبات الطارئة، بدعم من الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات الدولية المعنية وفي مقدمها منظمة الصحة العالمية “.

وختم مباركًا بالعيد الخامس والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، متمنيا “المزيد من النجاحات والتعاون لخير الانسان وصحته”.

بدوره، أشار وزير الصحة إلى الدور الذي “لعبته منظمة الصحة العالمية في تأسيس عالم أكثر صحة وأمنا”، لافتا إلى أن “العقود السبعة الماضية حفلت بنجاحات متعددة مثل القضاء على الجدري وأوبئة أخرى وشيوع وسهولة تحصين الأطفال مما حد من شلل الأطفال بنسبة 99 في المئة، فضلا عن إيجاد الأرضية الصالحة لتنسيق الجهود الدولية في مكافحة الأوبئة والأمراض والتي لولاها لكان الثمن الذي دفعته البشرية جراء جائحة كورونا أكبر بكثير”.

وقال: “ها نحن بعد خمسة وسبعين عاما من إنشائها، نحتفل مع منظمة الصحة العالمية ولمناسبة يوم الصحة العالمي تحت مظلة الصحة للجميع، كحق أساسي من حقوق الإنسان”.

وأشار إلى أن “هناك تحديات هائلة لا تزال تواجه تأمين الصحة للجميع”، موضحا أن “تزايد الأزمات محليا وعالميا يحد من الموارد المتوافرة لقطاع الصحة ويسهّل من عملية انتشار الأوبئة ويضعف الإستعداد لمواجهتها، كما أن محدودية خدمات الرعاية الأولية في البلاد ذات الدخل المنخفض تسهم في زيادة أعداد المصابين بالأمراض غير المعدية، وكلها عوامل تزيد العبء على القطاع الصحي وتستهلك موارد الدولة”.

وتوقف الأبيض عند الوضع اللبناني، لافتا الى أنه “من البلدان التي تواجه الصعاب الآنفة الذكر لكنه يواجه، إضافة إليها، أزمة كبرى يتداخل فيها الإقتصاد بالسياسة والوباء بنقص الموارد وسوء التدبير المزمن بالفساد والسطو على المال العام والخاص، وكل هذا ترك القطاع الصحي في وضع لا يحسد عليه، من نقص في الدواء إلى كلفة استشفاء مرتفعة وهجرة الكفاءات من أطباء وممرضين، الأمر الذي زاد من معاناة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع اللبناني ومجتمع النازحين المتزايد باضطراد”.

وشدد على أنه “كان لمنظمة الصحة العالمية وسط الأزمة التي يمر بها لبنان دور كبير في دعم القطاع الصحي بشكل عام، ووزارة الصحة العامة بشكل خاص، سواء من خلال الإستجابة الإنسانية للتحديات القائمة مثل الأوبئة ونقص الأدوية وتدريب الكفاءات أو تغطية استشفاء الفئات الهشة وإعداد البرامج والخطط الاستراتيجية في محاولة للخروج من ردات الفعل إلى استعمال الأزمة كمدخل لإيجاد حلول مستدامة وطويلة الأمد للقطاع”.

وفنّد وزير الصحة العامة المشاريع القائمة مع منظمة الصحة العالمية كالتالي:

“أولا- التعاون المستمر بين وزارة الصحة العامة والمنظمة في إعادة توجيه النظام الصحي نحو الرعاية الصحية الأولية كخطوة على طريق التغطية الصحية الشاملة كمدماك أساسي في الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي التي تم إطلاقها مع منظمة الصحة العالمية بدعم من الإتحاد الأوروبي منذ حوالى شهرين، والتي سيكون من ثمارها إطلاق مشروع جديد للرعاية الصحية الأولية في شهر تموز المقبل يعتمد على تمويل من البنك الدولي وبإدارة كاملة من وزارة الصحة العامة وسيستفيد منه حوالى مئتي ألف لبناني كمرحلة أولى.

ثانيا- مشروع إعادة إطلاق المختبر المركزي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومؤسسة باستور والذي تأمن التمويل المبدئي له وبدأ العمل به على أمل افتتاحه في منتصف العام 2024، وسيكون هذا المختبر حجر الزاوية في برنامج الإستعداد للطوارئ والترصد الوبائي في وزارة الصحة وبوجود غرفة عمليات جديدة للطوارئ الصحية سيتم إنشاؤها أيضا بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وبدعم منها، وستفتتح في النصف الثاني من هذا العام.

ثالثا- إستكمال مشاريع التحول الرقمي في وزارة الصحة ومنها نظام MediTrack لتتبع الأدوية وLMS لتنظيم عملية توزيع المواد الطبية والصيدلانية في مستودعات الوزارة والعمل على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لنظم المعلومات الصحية والذي سوف يبدأ العمل عليها خلال هذا العام.

رابعا- بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي، سوف تطلق في حزيران الخطة الوطنية للسرطان بالتعاون مع مؤسسة كوري والمؤسسة الوطنية للسرطان في فرنسا ومنظمة الصحة العالمية، وأيضا إطلاق الخطة الوطنية للصحة العقلية والنفسية والتي سوف تربط العناية النفسية والعقلية بمراكز الرعاية الأولية بما يسهل للمواطن والمقيم الوصول إلى هذه الخدمات”.

وختم: “ان تأسيس وإطلاق منظمة الصحة العالمية بعد حرب عالمية ثانية خير دليل على أن الفرص تكمن في الأزمات وأن التحديات هي مدخل الحلول. وإننا نحاول في وزارة الصحة العامة بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية والشركاء الآخرين والمانحين والداعمين، إيجاد حلول مستدامة لقطاعنا الصحي على أمل أن تكون هذه السنة مفتاحا للحلول ليس على صعيد المنطقة فحسب بل على صعيد الوطن بالدرجة الأولى”.

وكان الإحتفال بدأ بكلمة لممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان لفت فيها إلى أن “المسيرة بدأت عام 1948 عندما تم تكليف المنظمة بتطوير الخدمات الصحية لجميع الناس في مختلف دول العالم. وقد أصبحت المنظمة لاعبًا مؤثرًا في الصحة العالمية”.

وعرض النجاحات التي تم تحقيقها في مجال مكافحة الأمراض ووضع السياسات الصحية، مؤكدا “استمرار إلتزام المنظمة بمواجهة التحديات الحاضرة والمستقبلية”.

وقال: “هذا الإلتزام مستمر أيضًا حيال لبنان بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة حيث تمت الإستجابة لجائحة كورونا ووباء الكوليرا وغيرها من النكسات التي نجمت عن الأزمة الإقتصادية”.

وشدد على “أهمية الرعاية الصحية الأولية”، مؤكدا أنها “تحتل الأولوية في الاستراتيجية الوطنية للصحة”، مشددا على “ضرورة التعاون للاستثمار في هذه الرعاية التي ستحقق المساواة في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية”.

وأكد أن “الرعاية الصحية الأولية مدخل إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال تعزيز النظم الصحية”.

من جهته، شدد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان على “استمرار الدعم غير المحدود للأمم المتحدة لتحقيق حق الوصول إلى الخدمات والحماية والمعلومات الصحية”.

وقال: “ان الصحة باتت في أيامنا هذه مسؤولية مشتركة لمواجهة التحديات الصحية كافة. وجائحة كورونا شكلت مثالا واضحا على ضرورة تعزيز الشراكات بين مقدمي الخدمات الصحية والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في كل دولة من جهة، ومن جهة ثانية بين الدول كافة”.

وختم مؤكدا “إلتزام الأمم المتحدة بتحقيق هذا الهدف”.

أما السفير الألماني فأكد باسم المانحين، أن “شعار الصحة للجميع يعني تأمين الخدمات الصحية من دون تمييز”، منوها بعمل منظمة الصحة العالمية في لبنان “حيث يواجه القطاع الصحي الكثير من التحديات والمشاكل والأزمات”.

بعد ذلك تُوج الإحتفال بإعلان الإختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور جاك مخباط “رجل منظمة الصحة العالمية لهذا العام في لبنان” محاطا بوزير الصحة وممثل منظمة الصحة الذي قال إن “الدكتور مخباط لم يتردد في وضع خبرته المتميزة ووقته بتصرف وزارة الصحة العامة لإحداث تغييرات إيجابية في المجتمع”.

وقد أبدى مخباط شكره وامتنانه لمنظمة الصحة العالمية بشخص الدكتور أبو بكر ووزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، مؤكدا أنه لم يقم سوى بالواجب الطبي الذي “يمليه الضمير وحب الإنسان وخدمة الله في الإنسان”.

وشكر عائلته وكل الذين يعملون معه، مستذكرا والديه وكل من قدم له الدعم، متمنيا “الإستمرار في مواجهة التحديات والمهمات الملقاة على عاتقه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى