سياسة

النحَّاس باشا وبرتقال “يافـا”

كتب جوزيف الهاشم

جريدة الجمهورية

من طرائف التاريخ، أوْ مِنْ حسناتهِ أو مِنْ سيِّئاته، أنَّ بعض القيادات العربية الكبرى كانتْ تخلِطُ بين مُدُنٍ في لبنان ومُدُنٍ في فلسطين.

رئيس الوزراء المصري مصطفى النحَّاس باشا كان يَسْتقي معلوماته عن لبنان بواسطة تقارير المفوضية المصرية في بيروت، وقد روى الوزير والصحافي عبدالله المشنوق، أنّه زار القاهرة مع عمر الداعوق وحسن القاضي كوفد مقاصدي، وحين التقى أعضاء الوفد النحّاس باشا رئيس الوزراء المصري سأَلهُم: كيف برتقال بلدة “يافا” عندكم ..؟ فرّد عبدالله المشنوق باسماً: إنّ برتقال “يافا” يا صاحب الرِفعة هو في فلسطين وليس في لبنان (1).هذا كان في أوائل الأربعينات، وقبل أن تتعرّض فلسطين للإحتلال الصهيوني … وليس ما يَضيرُ لبنان، وفلسطين اليوم تعاني أرهب المجازر، أنْ يخلِطَ الباشا بين برتقال “يافا” وبرتقال لبنان.

رئيس الوزراء المصري مصطفى النحَّاس باشا كان يَسْتقي معلوماته عن لبنان بواسطة تقارير المفوضية المصرية في بيروت، وقد روى الوزير والصحافي عبدالله المشنوق، أنّه زار القاهرة مع عمر الداعوق وحسن القاضي كوفد مقاصدي، وحين التقى أعضاء الوفد النحّاس باشا رئيس الوزراء المصري سأَلهُم: كيف برتقال بلدة “يافا” عندكم ..؟ فرّد عبدالله المشنوق باسماً: إنّ برتقال “يافا” يا صاحب الرِفعة هو في فلسطين وليس في لبنان (1).هذا كان في أوائل الأربعينات، وقبل أن تتعرّض فلسطين للإحتلال الصهيوني … وليس ما يَضيرُ لبنان، وفلسطين اليوم تعاني أرهب المجازر، أنْ يخلِطَ الباشا بين برتقال “يافا” وبرتقال لبنان.

ولم يكن يعرف الباشا، أنّ هناك حقباتٍ مشتركة من التاريخ بين المُدِن اللبنانية والفلسطينية، إذْ عندما دخَلتْ مدينة عكا ومدينة حيفا سنة 1605 ضمن حدود الأمير فخر الدين، انتزع فخر الدين مدينتَي صيدا وصور من الأتراك سنة 1607، وضـمّ إليهما مدن : الناصرة وصفد وطبرّية، في مواجهة قاسيةٍ مع العثمانيين ..(2)ولم يكن يعرف الباشا أنّ النائب اللبناني جورج عقل قدّم في 25 تموز 1944 اقتراحاً إلى المجلس النيابي يرمي إلى مواجهة كلّ محاولةٍ لإنشاء وطن قومي صهيوني في فلسطين، وتمّ إبلاغُ هذا الإقتراح إلى السفارات الأجنبية في لبنان.

وعندما صدر قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بقسمة فلسطين إلى دولتين، قامت في لبنان مظاهرات شاجبة، وقرّر المجلس النيابي في 5 كانون الأول 1947 تقديم اعتراض صارم على قرار تقسيم فلسطين، وقدّم كلٌّ من النواب والوزراء معاش شهر إلى صندوق الإعانة الفلسطيني(3).

هذا ليس من قبيل التمنين بالجميل، بل لتذكير مختلف الباشاوات العرب وغير العرب، بأنَّ لبنان كان منذ بداية الأطماع الصهيونية في فلسطين ولا يزال يحمل القضيّة الفلسطينية على منكبيه حتى الرزوح، ويدفع الأثمان الغالية حتى الشهادة، فيما الكثيرون ما زالوا يتطلّعون إلى برتقال “يافا” على أنّه في لبنان.والحقيقة : أنّ لبنان باتَتْ لديه حساسية برتقالية مرتعشة، سواء حيال برتقال الباشا في “يافا” أو حيال برتقال الباشا في لبنان.

1 – بشارة الخوري : الجزء الأول – وليد عوض – ص : 253 .
2 – جيوفاني ماريتي : (Mariti) : تاريخ فخر الدين أمير الدروز : ترجمة بطرس شلفون .
3 – كتاب النيابة في لبنان : فؤاد الخوري : ص : 162 – 206 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى