سياسة

بعد 30 عاما على قرار منع الدراجات النارية في صيدا وجوارها ، محاولات لتعليقه تجابه بإصرار القوى الأمنية على تطبيقه حفاظاً على الأمن

بيروت – أحمد منصور
تتخبّط مدينة صيدا حالياً، ما بين مؤيد لإستمرار قرار منع تجوّل الدراجات النارية في المدينة وأقضيتها، والذي صدر بموجب قرار عن محافظ الجنوب في العام 1999، عقب إغتيال القضاة الأربعة على قوس المحكمة في قصر العدل في صيدا في 8 جون ( حزيران) من العام نفسه، وبين من يدعو الى إلغاء هذا القرار، والإستعاضة عنه بتنظيم هذا القطاع ووضع حد للفوضى والفلتان الذي تعيشه المدينة، نتيجة الخروقات الجارية لهذا القرار، حيث باتت تغصّ شوارعها بالدراجات النارية، والتي تواجه بحملات قمع متواصلة من القوى الأمنية لضبطها .
وكانت نعمت صيدا خلال السنوات الماضية من القرار، بأجواء من الهدوء، إذ بقيت الحوادث الأمنية فيها، في دائرة التطويق، لأنها كانت بعيدة عن استخدام الدراجات النارية، التي تساعد بشكل سريع في هروب المرتكبين من أماكن الحوادث وتواريهم الى مواقع معينة خارج إطار الشرعية اللبنانية .
واليوم وبعد أكثر من ثلاثين عاما لهذا القرار، تتمسك به القوى الأمنية، وتعمل على فرض تطبيقه وتنفيذه من خلال الحواجز والدوريات ومصادرة وحجز الدراجات النارية في المدينة، بغية حماية المواطنين من أي تهديد أو أي عمل مخل بالإستقرار، وقد لاقت هذه الخطوات ارتياحا وترحيبا لدى أبناء المدينة وفاعلياتها .
لكن يبدو وتحت تأثير الضغط الشعبي، كون المدينة تعتبر مدينة الفقراء، وبعد إستفحال الأزمة الإقتصادية وتأثيراتها السلبية، شهدت المدينة سلسلة من التحركات لأصحاب المؤسسات والمتاجر والأهالي وسائقي الدراجات، لدى النواب والأحزاب للضغط على القوى الأمنية بتعديل قرارها، إلا ان هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل، على الرغم من الخروقات العديدة .
وقد أكدت مصادر مسؤولة ومعنية بالأمن في صيدا لـ “الأنباء” أن “القوى الأمنية ستبقى العين الساهرة في المحافظة على أمن وإستقرار صيدا والجنوب والوطن كله”، وأشارت الى “أن القرار كان إتخذ لجملة من الإعتبارات، وأولها الأمنية، نظرا لواقع صيدا الجغرافي ومحيطها، التي تضم مخيمين للاجئين الفلسطينيين، عين الحلوة والمية ومية، وهما خارج سلطة الدولة اللبنانية .”
وشددت المصادر على “أن القرار مازال ساري المفعول بمنع جميع الدراجات في صيدا وأقضيتها حفاظا على السلامة العامة بعد تفاقم الحوادث الأمنية وكثرة عمليات الإخلال بالأمن والإستقرار في المدينة وجوارها عبر الدراجات النارية .”
وأكدت المصادر على “التمسك بتطبيق القوانين، مهما كانت الظروف والتحديات لمنع تعكير السلم الأهالي”، مشددة على “أن العامل الأمني أهم من العواطف والمجاملات والمسايرات”، معتبرة “ان العودة عن القرار يعني تعميم الفوضى والفلتان، الذي تشكو منه البلاد .”
وأشارت المصادر الى “أن فاعليات المدينة تقع بين شقي المنع والموافقة، في ظل مراجعات ومطالبات الأهالي نتيجة الأوضاع الإقتصادية الصعبة.”
وأكدت بأنه “لن يسمح بالفلتان الأمني لا في صيدا ولا في بقية المناطق اللبنانية، لا سيما وان مدينة صيدا لها خصوصية أمنية معينة لوجود مخيمات فلسطينية ومناطق شعبية مكتظة كصيدا القديمة، وان القانون سيبقى سيد الموقف ولا رجوع عنه، لأنه هو الحامي الوحيد والضامن للوطن وأبنائه”، معتبرة ا”نه قد يكون هناك ثغرات للقرار نتيجة لظروف معينة، الا اننا نؤكد ان لا رجوع عنه، وان القوى الأمنية ماضية في تطبيق القانون ومكافحة وملاحقة المخالفين .”

مفوض شرطة بلدية صيدا بدر القوام قال لـ “الأنباء”: “أن هذا القرار قديم، وإلغاءه يتم من خلال وزير الداخلية، بعد توصية من المحافظ من اجل السماح بمرور الدراجات النارية، وهذا لم يتخذ بعد، بل هناك غض نظر .”

وأضاف “هذا الموضوع برسم قوى الأمن الداخلي، ونحن كبلدية نسيّر دوريات من شرطة البلدية يوميا بإتجاه منطقة الى الملعب البلدي عند المدخل الشمالي للمدينة لمنع الدراجات النارية من الدخول، وبالمقابل لا يمكننا جعل شرطة البلدية تلاحق الدراجات النارية تفاديا للحوادث التي قد تحصل عن ذلك، كما اننا لا نملك رافعة، واذا كانت الدراجة لا تحمل لوحة تسجيل، لا يمكننا مصادرتها، لأنه لا يوجد لدينا مرآب مخصص لذلك، وهذه الأمور هي من صلاحية قوى الأمن الداخلي، الذين يقومون بالحملات والإجراءات في ملاحقة ومصادرة تلك الدراجات النارية .”
واعتبر القوام “ان المطلوب اما الغاء قرار منع الدراجات النارية، أو اعطاء تراخيص لأصحاب الدراجات بشروط معينة “.
ولفت الى “ان قرار المنع جاء بعد جريمة إغتيال القضاء الأربعة ومقتل أحد عناصر قوى الأمن الداخلي قرب ثانوية الراهبات بإطلاق نار، حيث استخدم الفاعلون الدراجات النارية في تنفيذ إعتداءاتهم وفرارهم، والتي على إثرها اجتمع المجلس الامني الفرعي في صيدا واتخذ قرارا بمنع سير الدراجات النارية في صيدا وأقضيتها.”
وأكد القوام “ان شرطة البلدية تقوم بكل إمكاناتها المتاحة في ظروف صعبة للغاية،” معتبرا ان هذا الموضوع يتطلب معالجة على مستوى جميع الفاعليات والقوى الأمنية المسؤولة والمخولة بكل الإجراءات والتدابير، لأن ما يجري اليوم لا يمكن الإستمرار به .”
وشدد القوام على “ضرورة تنظيم حركة تلك الدراجات، التي يعمل قسم منها على البنزين وهي ممنوعة في صيدا، والقسم الآخر على البطارية، وهي الأخطر، اذ يمكن أن تتسبب بحوادث وصدم للمارة لأن ليس لها أي صوت ..”
وأكد القوام “أن تسيير قوى الأمن الداخلي الدوريات الدائمة، تريح المواطنين وتشيع أجواء من الطمأنينة، وتحد من السرقات والتجاوزات.”
وختم “نحن نحاول تنظيم سير الدراجات النارية، ورئيس البلدية الدكتور حازم بديع منذ تسلمه البلدية، زار محافظ الجنوب منصور ضو وقائد المنطقة، وتناول هذا الملف وموضوع عربات الخضار المخالفة، كما زار النواب وفاعليات المنطقة للتعاون والتنسيق في معالجة هذه القضايا وفق القوانين والأنظمة، مع الأخذ بالإعتبار واقع المجتمع الصيداوي الشعبي .”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى