أول تصوير كامل للسماء بالأشعة السينية
أكمل التلسكوب الفضائي إي روسيتا، الذي تم بناؤه في معهد ماكس بلانك بألمانيا، أول مسح شامل للسماء في أطوال موجات الأشعة السينية، ليكشف عن أشياء لا يمكن للعين البشرية ملاحظتها عند النظر للسماء ليلا.
والتلسكوب يوجد على متن “سبيكتر آر جي هو”، وهو مرصد روسي – ألماني للفيزياء الفلكية عالية الطاقة أُطلق في 13 تموز 2019 بواسطة صاروخ “بروتون – إم” من ميناء بايكونور الفضائي في كازاخستان.
ومنذ بدأ التلسكوب مهمته، كان يرسل البيانات التي يلتقطها، والتي تم تجميعها في خريطة تحتوي على أكثر من مليون جسم ساطع للأشعة السينية، لتكشف تلك الصورة عن تفاصيل مذهلة تغير الطريقة التي ننظر بها إلى الكون النشط.
ويقول بيان نشره معهد ماكس بلانك على موقعه الإلكتروني أول من أمس، إن معظم الأجسام الفلكية تصدر أشعة سينية، وهذه الأشعة لها أطوال موجية قصيرة جداً، وبالتالي فهي طاقة عالية جداً، وهي تنبعث من الأجسام الأكثر سخونة ونشاطاً، مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية والمجرات النجمية وبقايا المستعرات الأعظمية (انفجار نجمي هائل يقذف فيهِ النجم بغلافهِ في الفضاء عند نهاية عمره).
وهذه الأشعة غير مرئية للعين البشرية المجردة، مثل موجات الراديو، ولذلك تبدو السماء في الأشعة السينية مختلفة تماماً عما نراه عندما ننظر إلى الأعلى ليلاً، وبالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الموجات الراديوية، يتم حظر الأشعة السينية في الغالب بسبب الغلاف الجوي للأرض؛ لذا فإن الطريقة الوحيدة التي يمكننا دراستها بها هي إرسال التلسكوبات إلى الفضاء.
وتم نشر عدد من مقاريب الأشعة السينية، خلال الفترة من عام 1990 إلى عام 1999 بواسطة القمر الصناعي “روسات”، ولكن خريطة السماء الجديدة التي جمعها التلسكوب الفضائي “إي روسيتا”، أعمق أربع مرات من الخريطة المستخرجة من بيانات روسات.
وجمع “إي روسيتا” “بيانات بقيمة 182 يوماً، بإجمالي 165 غيغابايت، وكان الباحثون في كل يوم يجمعون البيانات الخام التي يوفرها، ليضموها في خريطة تقدم أول مسح شامل للسماء بالأشعة السينية”.
واوضحت عالمة الفيزياء الفلكية مارا سالفاتو في التقرير الذي نشره معهد ماكس بلانك إن “معظم مصادر الأشعة السينية في الخريطة – نحو 77 في المائة – عبارة عن ثقوب سوداء فائقة الكتلة تتراكم بنشاط على المواد الموجودة في قلب المجرات، أو ما نسميه نوى مجرة نشطة، وهذه الأشياء نشطة للغاية، وهناك كثير منها”.
اضاف: “هناك أيضاً مجموعات من المجرات تتوهج في الأشعة السينية بسبب الغاز الساخن الذي تعوقه جاذبيتها الجماعية، وهذه تشكل نحو 2 في المائة، وداخل مجرة درب التبانة، تشكل النجوم ذات الإكليل الساخن النشط مغناطيسياً 20 في المائة من الأجسام، وتتكون النسبة المتبقية من مجموعة متنوعة من الأجسام مثل تلك التي تنبعث من النجوم التي مزقتها الثقوب السوداء”.