أخبار إجتماعية

دبيبو: أوميكرون يهيمن و”يتهرب” من المضادات المناعية

افتتح اللبنانيون العام الحالي بمتحور دلتا من فيروس كورونا، الذي أدى إلى كارثة صحية لتغصّ المستشفيات بالمرضى، ويختمونه ببدء انتشار متحور أوميكرون عالمياً، وقريباً لبنانياً. الفرق الوحيد، وهو ذا أهمية كبرى، أن العام المقبل يختلف عن السابق لناحية حملة التلقيح، التي بدأت في منتصف شهر شباط المنصرم، والتي يعول عليها لعدم حدوث كارثة صحية شبيهة بالعام الماضي بعد مرحلة الأعياد.
ما زالت المعلومات عن متحور أوميكرون أولية لناحية مخاطره واختلافه عن المتحورات السابقة. لكن مع دخول العقاقير الجديدة لمكافحة الفيروس، قد يحمل العام المقبل الأمل في بدء نهاية الوباء. بيد أن رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، والبروفسور في طب الأطفال، غسان دبيبو، يقلل من عقد الآمال على هذا الأمر في المدى المنظور، رغم أنه أشار في حديث لـ”المدن” إلى أن المؤشرات الأولية التي ظهرت في المتحور الجديد، تدل على بدء مرحلة تراجع المخاطر الصحية.يبدو أن أوميكرون سيحل مكان دلتا عالمياً، وثمة آراء متضاربة حول مخاطره، بين من يؤكد أنها أخف من السابق، وبين من يحذر منه. ما هي المعطيات العلمية المتوفرة حوله؟
هذا الأمر صحيح. بدأ أوميكرون ينتشر بسرعة هائلة في كل العالم، بسبب أفضليته على دلتا والتي تجعله يصيب حتى الأشخاص الذين لديهم مناعة سابقة، سواء بإصابة سابقة أو جراء تلقي اللقاح. خاصيته أنه لديه قدرة على التهرب من المضادات المناعية التي شكلها الإنسان من الإصابة أو اللقاح وحتى من أدوية المضادات الحيوية، لأنها كانت موجهة إلى النسخات السابقة للبروتين الشوكي في كورونا.

لكن بما يتعلق بالأعراض التي يسببها، يجب قياس مخاطر أوميكرون على الأشخاص غير الملقحين ومقارنتها مع النسخات السابقة من الفيروس. أي مقارنة الأشخاص الذين ليس لديهم مناعة وأصيبوا في السابق، مع الأشخاص غير المحصنين وأصيبوا بأوميكرون. الدلائل الأولية، والتي ما زالت غير صلبة وقيد المتابعة، تشير إلى أن الإشتراكات والمضاعفات الصحية أقل من السابق ولو بنسبة قليلة. والسبب يعود إلى أن الفيروس تحور بطريقة ما جعلته غير قادر على السيطرة على جهاز المناعة مثل السابق. ويحصل هذا الأمر بالصدفة لحظة تغير الفيروس وتجعل نوعية إصابة الانسان به أخف من السابق.

هل هذا يعني أن التحور الدائم للفيروس يؤدي إلى ضعفه أكثر فأكثر؟
الإشارات الأولية تدل على أن الأمور تنحو بهذا الاتجاه، فقد لوحظ أن نسب المصابين الذين تستدعي حالتهم الدخول إلى المستشفيات أو العناية الفائقة، أقل بقليل من السابق، ضمن الأشخاص غير المحصنين. لكن هذا لا يعني أن كورونا بات فيروساً عادياً. فهو ما زال يؤدي إلى إصابات الحادة ووفيات.

ثمة تقارير أميركية تشير إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين يدخلون إلى المستشفيات، وقيل أن أوميكرون يحدث مضاعفات بين الصغار بالسن أكثر من الكبار. ما مدى دقة هذا الأمر؟
أوميكرون كفيروس بحد ذاته ليس لديه خاصية إصابة الصغار بمضاعفات صحية أكثر من الكبار. علمياً يجب النظر إلى نسبة الإصابات الحادة التي تستدعي الاستشفاء وليس أعداد الذين يدخلون إلى المستشفيات. نسبة الإصابات الحادة ثابتة عند الأطفال، لكن بما أن أعداد المصابين ترتفع، بعد فتح المدارس والحضانات وعودة الأنشطة العادية للأطفال، يرتفع عدد الذين يدخلون إلى المستشفيات. والمسألة لا تقتصر على كورونا، فكل الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي استعادت نشاطها وتنتشر بين الأطفال والكبار بالسن. الأعداد عندما ترتفع، حتى لو بقيت النسب غير متغيرة، تجعل أعداد الإصابات الحادة في المستشفيات مرئية أكثر، لأننا نتطلع إلى الأعداد بينما المسألة متعلقة بالنسب. ففي أميركا الأطفال تحت عمر الخمس سنوات غير ملقحين وجزء كبير من الذين يزيد عمرهم عن خمس سنوات غير ملقحين. وسبق وأشرنا إلى أن هذه الشريحة من المجتمع لديها قابلية للإصابة بالفيروس لأنها غير محصنة. وكل التوقعات السابقة كانت تشير إلى أنه عندما تصبح شريحة الكبار محصنة سينتقل الفيروس إلى الشريحة غير المحصنة أي الأطفال. ومع الوقت سيكون الأطفال الحديثي الولادة الشريحة الأكثر عرضة للفيروس، وشريحة الكبار بالسن أيضاً لأن مناعتهم محدودة زميناً. وقد نصل مستقبلاً إلى سيناريو شبيه بفيروس الانفلونزا، الذي يحدث مضاعفات صحية عند الأطفال والكبار بالسن.

هل ما زالت اللقاحات الحالية فعالة على أوميكرون؟
بدأنا نقترب من مرحلة تعديل اللقاح وإعادة هندستها من جديد. فقد انخفضت فعالية اللقاحات عن السابق من حدود التسعين بالمئة إلى ما دون 75 بالمئة تجاه أوميكرون. وأقدمت فايزر على تطوير لقاح جديد، ما زال قيد الدرس، مصمم على البروتين الشوكي، الذي اختلف بشكل كبير في أوميكرون عن المتحورات السابقة. لكن الأمر ما زال قيد الدراسة لمعرفة مدى انتشار أوميكرون على حساب باقي المتحورات، وكي يكون اللقاح الجديد فعالاً على كل المتحورات السابقة أيضاً. فتغيير اللقاحات عالمياً لن يتم قبل انتهاء الدراسات الميدانية التي تظهر مدى انتشار أوميكرون وغيره من المتحورات.

بدأت إسرائيل التجارب على الجرعة الرابعة، هل الجرعات المعززة تنفع في مكافحة المتحور؟
الجرعات المعززة تقوي المناعة بشكل كبير، لأنها تعزز ذاكرة جهاز المناعة. كل جرعة إضافية تعزز المناعة، وكلما ارتفعت الأخيرة تكون سيطرة جسم الإنسان على المتحورات أعلى من السابق.

هل الأدوية المنتجة مؤخراً تساهم في انتهاء العالم من كورونا العام المقبل؟
من الصعب عقد الآمال على هذا الأمر في المدى المنظور. هناك عقاران، واحد من شركة فايزر وآخر من MSD، وأظهرا نجاحاً كبيراً بمنع تدهور الحالة الصحية عند الأشخاص المعرضين لإصابات حادة. لكن يجب أن يؤخذ الدواء في الأيام الأولى للإصابة وقبل حصول الأعراض الحادة. وفي حال أخذ الدواء كما يجب يمنع بنسبة تسعين بالمئة دخول المستشفى.

هي أسلحة جديدة، وخصوصاً للأشخاص غير الملقحين، والذين لم يشكلوا مناعة كافية ولم يتجاوب جسمهم مع اللقاح للحماية من مخاطر الفيروس. لكن لا تحل هذه الأدوية مكان اللقاح. وطريقة استخدامه معقدة، فيجب ألا يؤخذ إلا في الوقت المناسب كي لا يشكل الفيروس مناعة عليه. بالتالي لن يكون متاحاً للعموم وبمتناول الجميع مثل باقي الأدوية. لذا من المبكر الحديث عن الخلاص من كورونا في العام 2022.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى