بقلم رمزي سليم _صناعة الاعلام وقيادة العالم الجديد
ماهو موقع صناعة الاعلام على خريطة الصناعات العالمية وماهو مستقبلها ونسبة المخاطرة مقارنة بالصناعات الاخرى؟
فى عالم الاستثمار هناك مقولة شهيره هى أن رأس المال جبان ! نعم،الشعور بالجبن والخوف لدى رأس المال يغذيه الفكر التقليدى الذى عادةً ما يشوبه القصور والنظرة الضيقة للمستقبل
هذه النظرة التى تحاول محاولات مستميتة لاقناع صاحب رأس المال بأن الوضع الراهن افضل وان اى عمل جديد سترجح فيه كفة الفشل ،ذلك ان النظر يتجه دائماً للتجارب الفاشلة فى المجال دون تحليل لاسبابها ودون تحليل آخر للنماذج المتفوقة فى نفس المجال،وفى النهاية لا داعى للمغامرة
الاعلام هو ثالث اكبر صناعة فى العالم بعد صناعة الاسلحة والمواد الكيماوية هذه الصناعة هى التى تبلور صياغة الاقتصاد والسياسة والدين وثقافة المجتمع ثم تعيد تصديرها الى العالم اجمع مرة أخرى
الاعلام هو استثمار المعرفة فى عالم يشهد كل يوم ثورة معلوماتية فى شتى المجالات
انطلقت سلطة صناعة الاعلام من سلطة رابعة تقوم بدور تابع لسلطات المجتمع التنفيذية والقضائية والتشريعية لتتصدر المشهد وتصبح سلطة اولى ، سلطة توجه وتفرض وتصيغ، سلطة صناعة الرأى العام وتشكيل عناصر الترويج والاقناع
اليوم اصبحت لصناعة الاعلام سلطة توازى فى بعض الاحيان سلطات كثير من الدول والحكومات واصبح القائمون عليها هم قادة العالم الجدد، لاسيما بعد ان تخلصت هذه الصناعة من قيود المحلية والاقليمية لتصبح صناعة ذات بعد عالمى وغير اقليمى وهذا مايمكنها من التحليق والتوسع بما ان مواصفات العالمية هى حلم اى مشروع واى صناعة
الغرب استفاد وحقق مليارات من وراء صناعة الاعلام ، ليس فقط على المستوى المادى ولكن ايضاً على مستوى تصدير معالم القوة فى هذه المجتمعات وما يغلفها من ادوات تهدف الى تحقيق الهيمنة السياسية والفكرية على العالم من خلال الاعلام لاسيما الفضائى الذى يعد اهم وسائل السيطرة على اهتمامات الناس وتفكيرهم وعقولهم
لقد آن الأوان لأن يدرك العالم العربى والمستثمرون العرب أهمية هذه الآلة ، فأنت عندما تسعى لتأسيس قناة فضائية لاينبغى ان يقف بك طموحك عند هذا الهدف السهل ، فكر بأن هذه الآلة الاعلامية التى تبدأ اولى تروسها بالقناة الفضائية يمكن ان تصير امبراطورية متماسكة ستستخدم نفس المواد الخام القناة الفضائية تتطور معها جريدة ومجلة ومواقع اليكترونية اعلامية وتجارية ومنتجات تتولد عن عنصرى الصورة والكلمة
روبرت ميردوخ رجل الاعمل الاميركي اليهودي يمتلك وحده ثمانين صحيفة ومجلة حول العالم أغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية اضافة إلى ست محطات بث تلفزيوني وشركة إنتاج سينمائي يعرض من خلالها ما يريد. على الجانب الآخر هناك أيضاً امبراطوريات اعلامية عربية بدأت وتفوقت وسيطرت على آليات هذه الصناعة واسرارها
مالذى يجمع هذه الامبراطورية الاعلامية ؟ انها الكلمة والصورة والفكر والسيطرة وعوائد بالمليارات تغذى وتنمى وتطور هذه الامبراطورية يوماً بعد يوم، فالمخاطرة هنا لاوجود لها طالما انت مطمئن لأفكارك ومدى قدرتها على ان تبيع نفسها للجمهور المتلقى ، طالما انت ايضاً مطمئن لشراكات استراتيجية تقنية لديها حلول ترجمة الاشياء لواقع ينبض بالحياة
وهذا ما ينبىء بمستقبل هذه الصناعة التى من المتوقع ان تشكل مايفوق 40% من مجمل الانتاج لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة،وفى طريقها لتحقيق نفس النجاحات على المستوى الاقليمى والعربى،
المهم الآن ان نبدأ عصر جديد بإعلام مختلف، اعلام يتم التعامل معه بمفردات الاستثمار والعرض والطلب، ويمكن من خلاله ان نبيع الخدمة والترفيه والمعرفة والمهم ان يتم ذلك من خلال اشكال فنية جديدة، لاسيما وقد تغيرت المعايير فى منطقتنا العربية واصبحنا فى اجواء اكثر ملاءمة لننطلق نحو الاستفادة من هذا الكنز على المستوى الاقتصادى والمستوى الذى يخدم انطلاقة الاعلام العربى .