سياسة

بقلم : سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ : مجلس ال 41% هل هو خيارٌ سليم ..

مجلس ال 41% هل هو خيارٌ سليم
تعدّدَتْ مواطن النقص في الحياة الديمقراطية اللبنانية وأخر فصولها إنتخابات ال 41% ، وكثيرة عوامل التعثُّرْ التي رافقت القانون المُقّرْ والترشيحات والبرامج السياسية هذا إنْ وُجِدَتْ ، ويوم الإنتخاب ، وطريقة إيصال النتائج إلى الرأي العام . فعلاً إنّ الديمقراطية في لبنان مأزومة وطريقها مسدودة وستؤدي حتمًا إلى إنفجار إجتماعي كبير . اللبنانيّون الذين نُبِّهوا من خطر الإنتخابات والإنجراف وراء الأشخاص المموّهين سيحصدون أزمة معيشية قـلَّ نظيرها وبشائرها ظهرت للعيان ثاني يوم الإنتخاب تحت عناوين خطرة ومنها على سبيل المثال : الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار ، الإرتفاع الجنوني للمحروقات وهذه مادة حيّوية ، إنقطاع الخبز وهو مادة “قوت الأرواح” والحبل ع الجُرّار ، إضافة إلى الأزمات المستفحلة .
مقابل الإعتقاد أنّ الإنتخابات أُجْرِيَتْ بالطرق الديمقراطية وهذا الإعتقاد هو في قاموس المسؤولين كل المسؤولين ولكن عمليًا الإنتخابات هي مُجرّد عملية تزوير مُبطّنة لإرادة الناخبين لإعادة إنتاج نفس السلطة وفعليًا بأشخاص ووجوه تدّعي حرصها على الشعب وعلى الوطن (ولا أُعَمِّمْ هنا) ولكن إنّ الوعاء ينضح بما فيه من سوء ومن وجوه صفراء إنتدبها أركان السياسة على لوائح فوقع الشعب أي الناخبون في خطأ التقدير فكانت النتيجة، ولسوء حظ الشعب اللبناني الكل تقاتل على نِسَبْ النوّاب في الدوائر ، والكُل أتحفنا بتحصيل عدد لا بأس به من النوّاب ، وما أدرانا وأدراكم من هم الوافدون إلى الندوة النيابية ؟ هل هم فعلاً مستقلّون ،أم هم أتباع لزعماء الأمر الواقع ؟ سؤال برسم الرأي العام اللبناني وأيضًا برسم الرأي العام الدولي والعربي اللذين شاركا في ما بات يُعرف ب”المراقبين الدوليين ” وهنا أغتنم الفرصة لأسأل كليهما وبإحترام كُلّي : أيُّها السّادة الأعزاء لقد تكبدتم عناء الإنتقال إلى لبنان لتغطية الإستحقاق الإنتخابي ،أولاً كل الشُكر المعطوف بثقتنا بكم وبمحبتنا ،وثانيًا ألم يتبادر إلى ذهنكم عندما إطلعتم على وقائع اليوم الإنتخابي من صراع أقلْ ما يُقال عنه “إنه همجي ” ومعطوف على مقاطعة بلغت 59% ؟ أنتم مؤتمنين على إظهار الحقيقة يا سادة فبالله عليكم ننتظر ضميركم بتبيان حقيقة ما حصل وكتابة تقرير موّثق لأننا نحمل شعار الحق لا يُعلى عليه .
الإنتخابات الأخيرة نُفذّتْ بتخطيط من المستفيدين ، وفي بعض مراحلها أخذت طابعًا عدائيًا بين المكوّنات اللبنانية وهذا الأمر يدحض صيغة العيش المشترك وصوّرت أنّ الشعب اللبناني مُجرّد قبائل تتناحر وغير قابلة للتعايش سلميًا وهو بحاجة دائمة للرعاية وأكبر دليل كانتْ الرقابة الدولية حاضرة .إنّ الذين أداروا الإنتخابات لن يتجنّبوا العامل الطائفي بل زادوه شرخًا ومازجوه بعامل سياسي تمثّلَ بالتصرُّف المصلحي المُتطيِّف للسياسيين الذي عجّل بتبادل الإتهامات وإعتداء الناخبين بعضهم على بعض والهدف تحريك العصب لديهم بغية كسب بعض الأصوات … إنّ ما حصل يوم الإقتراع مخجل للغاية حيث كانت المعالجات من قبل الأجهزة الموكلة بحماية اليوم الإنتخابي واقعة بين حائطين كبيرين يُكبلانها ولم تستطع معالجة الحوادث المتنقلّة إلاّ بتفريق الناخبين فقط وهذا الأمر جد خطير لأنّ تكبيل هذه القوى في هذه الحالات يستدعي مستقبليًا عدم التقيُّد بالإجراءات التي تتخذها القوى المولجة بحماية اليوم الإنتخابي . إنّ ما حصل يستأهل دراسة مستفيضة وسلسلة من المواقف لقطع دابر الفوضى .
إنّ أكثرية الناخبين لم يُشاركوا في اليوم الإنتخابي وهذا أمر يتطّلب التوّقف عنده مليًا وإن أمعنت الأطراف السياسية في تسويق العملية الإنتخابية على أنها ديمقراطية وسجلت على بعضها البعض رُبحًا وكمًا من المقاعد النيابية . الثنائي الشيعي بأركانه أبرزا أنهما لم يُخرقا وبرّروا سقوط بعض المحسوبين عليهم بشأن عرضي ، ودكتاتوريًا حصروا حصرية التمثيل بهما . الوحدات المسيحية المتخاصمة حافظوا نوعًا ما على مراكزهم وبقيت أحجامهم على ما هي عليه لا بل ضربها نوعين من المواقف الأول الإنصياع الأعمى والثاني وهو الأهم وهو الإعتكاف ، وترافق الأمر مع الإدعاء الوهمي بالإنتصار كما يحلوا لهم في كل مرة تصنيف خسارتهم . الحريري غيّب نفسه بعد أن تلّقى أمرًا ما ، الدروز تلّقفوا الأمر الواقع وتعاطوا معه بحذر ، المعارضة خرقت وينتظر ما ستُقدمْ عليه . كنا ننتظر أن تكون الإنتخابات بداية خارطة طريق لكن للأسف خاب أمل ال 59 % ، وهل يعقَلْ القبول بمجلس منتخب بنسبة تقل عن ال 41 % ، إلى اللقاء .

سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ

فرنسا في 19 أيّار 2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى