الويل لكم أيُّها المستغلّون …..
أكتب ولا أمَّلْ ، أناضل ولا أيأس ، أتلقى السِهام ولا أخاف ، أحارب ولا أخسَرْ ، يأتون إليّ من كل حدبٍ وصوبْ ولا أتكرّه بالضيف القادم … كل ذلك لأنيّ أعلم عِلمَ اليقين أنه ما إختصاص من الإختصاصات المختلفة في لبنان إلاّ وطالته يد العار السياسية ، وما يُعرف بالتوظيف السياسي لعديد من المجموعات اللبنانية حتى في أكثرية الذين كانوا يُعارضون النهج القائم ، فإنطلت عليهم الحيلة وقالوا لهم : ” نحن صوتكم في المجلس إقترعوا لنا…” صدّقوا المساكين وإقترعوا وحصل ما حصل .
المستغلّون هم مجموعة لا تعرف الضمير ، المستغلّون هم مجموعة لا تعرف الله ، المستغلّون هم مجموعة لا تعرف الإستقامة المستغلّون هم مجموعة لا تعرف الكرامة ، المستغلّون هم مجموعة لا تُدرك معنى الإستقلال والسيادة ، تعيش الإرتهان والتبعية منذ نشأتها ، آلية الإستغلال هي أمرٌ معروف في لبنان وفي أكثر المجتمعات ديمقراطية وإلاّ كيف نفسِّرْ تغاضي المجتمع الدولي مدّعي الديمقراطية أنه الساهر الأول عليها حين يقول لنا أنّ الإنتخابات “عندكم كانت عظيمة ” عن أي عظمة تتحدثّون أيُّها السادة ، أهل عن عظمة الإستغلال ؟! أهل أنكم تُحاولون من خلال مواقفكم التحكُّم في عقول شعبي المذبوح والمرهون شطر مقاصده ومراميه نحو الحرية ؟!
السرقة عند المستغلّين ، الطائفية عند المستغلّين ، في لبنان لم تعُد مُجرّد إيمان وإنتماء وجنحة أو مصلحة ، بل أصبحت إستراتيجيات خطيرة لتنفيذ الأهداف السياسية والمصالح الخاصة المُضافة إلى المصالح الإقليمية والمصالح الدولية المتعددة. وفي لبنان وظّف الإستغلاليّون السرقة والطائفية لتفتيت مجتمعنا اللبناني وإضعافه وبالتالي السيطرة عليه ، وإذا أخذنا ما يحصل اليوم نجد أنّ أول خطوة قام بها المنتصرون المزّيفون لم يكن هدفهم التأسيس للدولة سواء على صعيد السياسة وتوزيع السلطات لا بل زادوا الأمور تعقيدًا وإستغلالاً …
لقد فعل الإستغلاليّون فعلتهم وعلى حقدهم وغدرهم ما لم يفعله دعاة الدكتاتورية والشعارات المتنوّعة ، هذا التحالف الإستراتيجي بين المكوّنات السياسية اللبنانية وظّف الإختلاف بين اللبنانيين إلى حروب عبثية هدفها تكبير الشرخ بين اللبنانيين ، وما زالت الإنتقادات الداخلية مستعرة إلى هذا الوقت ، لا بل هناك إستحالة للتعايش فيما بين المواطنين ، ولكن هناك حالة زواج متعة فيما بين المكوّنات السياسية على حساب عذرية الشعب المغدور والمُفْتَعَلْ فيه عمدًا ، وهذا السفاح أنتج مجلسًا لقيطًا مجهول الأب والأم ولكنه موصوف ب “….” .
لقد شهد جيل كامل بأم عينه عملية شيطنة قام بها مدّعو الديمقراطية رجال دين ورجال سياسة ، وقد شهد هذا الجيل تشتيت أفكاره وصراع الأقطاب ولعن الله من أطلق عليهم لقب ” سياسي مسؤول ” ، لقد شهد هذا الجيل نظامًا سياسيًا عفِنًا عاقًا وحرفّهُ إلى صراعات داخلية – داخلية دفع ثمنها تهجيرًا وأحيانًا دماء ولا حاجة للتذكير بحادثتي “قبرشمون والجاهلية” وما نتج عنهام من قتل وتشنّج وإعاقة عمل القضاء ، إضافةً إلى أبشع جريمة شهدها العصر الحديث : جريمة تفجير مرفأ بيروت والأنكى طمس مسبباتها وتجهيل الفاعلين ، وقضم القضاء .
أيُّها المستغلّون إعلموا إنّ إنتظام الأمن السياسي للدولة مرتبط بمدى إحترام قوانينها الوضعية لمعايير حقوق الإنسان، وبمدى إلتزام سلطاتها الأمنية والقضائية بتطبيق هذه القوانين بروحية إنسانية تقدم كرامة الفرد وقرينة البراءة على كل الإعتبارات الأخرى. في قاموسنا هذه الأمور أصبحت من المسلمات الثابتة في المواثيق الدولية وفي القوانين الداخلية للدول الملتزمة بتلك الموااثيق . لا شك في أنّ النظام الجزائي اللبناني وتحديدًا قانون أصول المحاكمات الجزائية يمكن الإستناد إليه في مساءلتكم عن الجرائم التي إرتكبتوها بحق الشعب اللبناني ، وإحالتكم إلى القضاء المختص بات ضرورة لا بد منها لإستقامة العدالة وبلوغ الحقيقة ولإعادة الأمور إلى نصابها الشرعي ، فالويل لكم أيُّها المستغلّون ، لقد كفر الشعب بكم ، سأضع مكتبي في العاصمة بيروت في تصرف القضاء النزيه ليُبنى على الشيء مقتضاه .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 10 حزيران 2022