صفوت عمران يكتب: هل هشام طلعت مصطفى ومحمد الهواري وراء قتل فتاة المنصورة؟!
#عندما قام رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى في 2008 بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في دبي بعدما رفضت الزواج منه، وذلك عبر الشرطي المفصول محسن السكري، قامت الدنيا ولم تقعد في الإمارة الخليجية الهادئة من أجل الوصول إلى الجناه في أسرع وقت، لأن الأمر ببساطة: «عدم القبض على الجناة يعني خلل أمني في الإمارة التي كانت تعد ثاني أكبر مكان لغسيل الأموال في العالم، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وهروب الشخصيات البارزة التي تأتي إلى دبي لاخفاء أموالها دائماً وضمان أمنها الشخصي كثيراً» .. وهذا هو الخطأ غير المقصود الذي وقع فيه هشام طلعت وشريكه «القاتلان»، فقد فاتهما خصوصية مكان الجريمة، مما تسبب في القبض عليهما وعدم قدرتهما على الإفلات رغم محاولات رجال نظام مبارك إنقاذ ابنهم هشام طلعت، إلا أن الأمر كان أكبر من تمريره، واعقد من “الطرمخة علية”، وكل ما حصلوا علية موافقة دبي على أن تتم محاكمة المتهمان في مصر رغم أن الجريمة تمت في الإمارات؟!!.
#على كل حال .. بعد سنوات من التنقل بين جهات التحقيق واروقة المحاكم، في 2012 حُكم على هشام طلعت بـ 15 سنة وعلى السكري بـ 25 سنة، إلا أنه بعد أقل من 10 سنوات من وقوع الجريمة وتحديدا في 2017 حصل هشام طلعت على عفو رئاسي لدواعي صحية، والمفارقة أن يظهر بعد الإفراج عنه بأيام قليلة يلعب الكرة الطائرة مع الأمير السعودي الوليد بن طلال بأحد منتجعات شرم الشيخ وفي كامل لايقته البدنية دون أدنى إعتبار للرأي العام، ثم بدأ يظهر مجددا في دوائر العمل العام ويعود لنشاطه التجاري وكأن شيئاً لم يكن، بل في 2022 خرج شريكه محسن السكري من السجن عبر عفو رئاسي أيضاً قبل مرور 15 سنة على جريمته، لدرجة دفعت البعض للقول: «لو كانت تلك الجريمة وقعت في مصر لم يكونا قضيا يوماً واحداً سجن».
#في ديسمبر 2021 استيقظ الرأي العام في مصر على جريمة بشعة بطلها كريم إبن رجل الأعمال محمد الهواري صاحب أشهر هايبر ماركت في المحروسة حيث دهس بسيارته 4 شباب داخل سيارتهم، وقتلهم جميعا في الحال، بينما كان يقود السيارة بسرعة جنونية وهو متعاطي مواد مخدرة – وفقا لجهات التحقيق – ولأنه إبن وأحد من “حيتان المال في مصر” كما يردد العامة، فقد تم استخدام كل الوسائل والاغراءات لجعل أهالي الضحايا يحصلون على المال مقابل التنازل عن “حق أهل الدم” وهو ما تم بالفعل، وبعدما كان الجميع ينتظرون أقصى عقوبة، حكم على «كريم الهواري» بالسجن 3 سنوات فقط يُنتظر أن تُخفف في مراحل التقاضي اللاحقة.
#تلك الجرائم ومنها قتل مهندسة شابة على يد نجل رجل الأعمال كامل ابوعلي قبل عامين ومقتل شاب أمام فندق جراند حياة دهسا بسيارة ابن شقيق هشام طلعت مصطفى العام الماضي، وغيرها من مئات وآلاف الجرائم، يتم الخروج منها “مثل الشعرة من العجينة” بسبب نفوذ السلطة والمال، مما جعل الدم رخيص، وجعل القتل سلوك يومي متكرر في مختلف أنحاء مصر، خاصة لمن يمتلكون القوة والمال، وجعل الجميع يرددون بكل هدوء المثل الشعبي “اللي تعرف ديته اقتله” .. فقد ماتت كل القيم وأصبح يحكمنا شريعة الغابة: “البقاء للأقوى والأكثر دموية”.. ولسان حال المصريين: “من آمن العقاب أساء الأدب” .
#جريمة قتل وذبح “نيرة أشرف” الفتاة التي لم تتجاوز الـ21 عاما على يد شاب «عديم التربية وعديم الأخلاق» يدعى “محمد عادل اسماعيل” أمام باب جامعة المنصورة بعد شهور من مضايقتها وتحرير محضر بعدم التعرض لها بمعرفة أهلها وقسم اول المحلة .. جريمة لم تتم اليوم فقط، بل تمت عندما فرط المجتمع في قيمه واخلاقه، عندما قبل أن يصف كل متدين ومتمسك بتعاليم دينه بـ”المتشدد” فحاربنا الدين بدلا من محاربة المتطرفين، عندما أصبحت الأخلاق “دقة قديمة” وباتت الخلاعة “مودرن وتطور”، وتحولت الجدعنة والرجولة إلى صداع يدفع صاحبهما ثمناً باهظاً، عندما اختفت النخوة من الشارع المصري والبيوت المصرية، عندما أصبح الطلاق “أكبر انتصار للست والراجل وليس أبغض الحلال”، عندما أصبحت “البهدلة في محاكم الأسرة أهم من بناء الأسرة”، عندما تحولت مدارسنا إلى “تعليم الغش” بدلا من “التربية والتعليم على الأخلاق والعلم”، عندما أصبح “اللي معاه جنيه يسوى جنيه، وميعبش الراجل غير جيبه” مع أن ” قيمه الإنسان عمرها ما كانت بالفلوس وما يعيب الراجل حاجات كتير غير جيبه” وصولا إلى “الجنيه غلب الكارنية” ثم “الجنيه أشترى الكارنية” ثم “الجنية اتجوز الكارنية وبقيوا سلطة ومال”، عندما اختفى “الأب اللي تشتكيله من إبنه قليل الأدب فيقولك اكسر ضلع وأنا اكمل” .. و “بقى الأب طرطور وقذر يتباهى بفساد إبنه وخوضه في أعراض الناس وقتل الأبرياء وغيرها من الجرائم، وأصبحت الأم كافية ونادي وحفلات وسهرات ونسيت أنها مدرسة لإعداد شعب طيب الأعراق”، ماتت “نيرة أشرف” لأنها لم تعش عندما “كانت التربية في البيت والمدرسة والشارع”، و “كانت بنت الجيران وبنت المنطقة وبنت البلد اخت واجب نحميها مش نبلطج عليها ونعتدي عليها وكمان نقتلها”.
#جريمة قتل نيرة .. صرخة مدوية يجب أن ترج أركان المجتمع المصري الذي فقد قلبه وعقله، وبات يحكمه الجنون .. فقد أصبح البلطجي “مصلح اجتماعي ويحكم بين الناس ويلجأ له البعض لاسترداد الحقوق بعدما غابت مؤسسات العدالة”، والحرامي والمرتشي أصبح “بيه وباشا”، وأصبح أصحاب المال الحرام “رجال البر والتقوى والتصدق على المساكين والفقراء”، وتجار المخدرات والسلاح والآثار ونهب أراضي الدولة ولصوص الاستيلاء على المال العام “نواب عن الشعب في البرلمان”، وأصبح شراء ذمة الوزير بـ”رحلة حج وهدايا” أو “سيارة أحدث موديل” أو “أسهم في مجموعة شركات”، وانقلبت اغلب المعايير وغابت معظم القيم، ولم يعد القتل جريمة تستوجب العقاب والخجل، بل شاهدنا على الهواء مباشرة رئيس الوزراء وكبار المسئولين يصفقون لوالدة قاتل لمجرد أنه إبن وزيرة في الحكومة!، وغيرها وغيرها كثير من الوقائع والجرائم الذي تثبت أن دم “نيرة أشرف” في رقبة جميع المصريين وليس القاتل فقط .. فالجميع ساهموا ويساهموا يومياً في قتل شباب مصر بالفساد والواسطة والرشوة والمحسوبية وحرمانهم من أبسط حقوقهم في التعليم والتربية والعلاج والعمل، في تركهم فريسة لـ”تجار المخدرات” وباتت “دواليب المخدرات” تحظى بحماية ورعاية اقوى من “سلطة الدولة”، لذا ضاع شبابنا وفسدت عقولهم وتحولوا إلى “مصاصي دماء”، علاوة على ترك الكثير منهم فريسة لأصحاب الأفكار المتطرفة والمغلوطة تارة بإسم الدين وتارة بإسم الحرية، بينما لم يقدم لهم أحد الطريق الصحيح.
#شبابنا الذي يتجاوز الـ60٪ من الشعب المصري أصبح ضحية ولم يعد يجد طريق سوى الهجرة الشرعية لبلاد تقدر تميزه دون واسطة أو محسوبية وبدون الحاجة إلى رشوة أو قرابة بمسئول كبير، وأيضاً الهجرة غير الشرعية بحثاً عن حياة أفضل حتى لو اضطر للمخاطرة موتاً عبر أمواج البحر، أو القبول بالعمل الحر في الداخل والخارج الذي لا يناسب مؤهله أو تعليمه، بعدما أصبحت الوظائف محجوزة لأبناء المحظوظين أو من يملكون شراؤها بالمال، وجاء قانون الخدمة المدنية منذ 2016 وتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي للحد بشكل كبير من العمل في الجهاز الإداري للدولة، لدرجة عدم سد العجز في التخصصات المختلفة، مما أدى إلى وجود جيش من المتعطلين عن العمل وخلل في المصالح الحكومية، ومع ارتفاع الأسعار وموجات الغلاء المتكررة خلال السنوات الأخيرة فقد الشعب المصري البوصلة وباتت كل الاشياء والقرارات مرتبكة، مما جعلنا أمام وطن مأزوم يعيش بداخله شباب يعاني من أجل فرصة في حياة سرقها لصوص وحرامية هذا الزمان، لنجد أنفسنا أمام مجتمع يتم نهشه من كل الاتجاهات.. مجتمع تحول مع كل الظروف الضاغطة وعدم وجود حلول في الأفق القريبة، مع فرض الابتعاد عن الأديان والقيم الأخلاقية والإنسانية المصرية لأسباب سياسية خاصة بعد 2011 إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف بلا رحمة وبلا هواده وبلا إنسانية مما زاد من معدلات الجريمة، بل باتت صراختنا خطر يهدد أشخاصنا ويغضب الكثيرين أكثر من اعتبارها صرخات تحذيرية من القادم .. فالقادم أسوأ .. فدولة بلا قيم دينية وأخلاقية تغرق في بحر الرذيلة والصراعات، ودولة بلا قانون تتحول إلى غابة.