بقلم : سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ : حبل الكذب قصير
صدر عن دائرة الإعلام البيان التالي نصّه :
كما درجت العادة ألتقي عبر وسائل التواصل الإجتماعي مع أركان مكتبي في بيروت للتباحث في أمور الساعة ومن المواضيع التي كانت مطروحة موضوع تشكيل الحكومة بعد الإنتخابات المسخ التي أجريتْ خلافًا للأصول الديمقراطية والتي كانت نتيجتها طعنًا فاضحًا بالديمقراطية . المؤسف أنّ كل دول العالم تُقارب الملف اللبناني بموضوعية وتجرّد بكافة جوانبه إلاّ من توّلوا السلطة في لبنان. كل الدول قلقة من التدهور الحاصل في لبنان ،وبالإشارة إلى زيارة الرئيس الأميركي للملكة السعودية والقمة التي ستُعقد في حضوره وتضم كل من مصر – دول الخليج – الأردن – العراق ، وتتزامن هذه القمة مع خلط بعض الأوراق على الساحة الإقليمة إشارة إلى الإنسحاب الروسي من سوريا التي تحاول إيران ملء فراغه . كل هذه الأمور لم تُحرك أي ساكن لدى من يمتهنون السياسة في لبنان سواء أكانوا رجال سياسة أو رجال دين ،فأغلبيتهم مغلوب على أمرهم وأفعالهم لا تُلامس الجد وهي بالتالي “حركة بلا بركة” . إنّ الذي يتظهّر من الأحداث على الساحة اللبنانية وبتشعباتها الخطيرة وما يترفع عنها من أزمات حياتية وأزمات مُلفتة للنظر تطال مؤسسة الجيش اللبناني وجميعها من خلال سيناريو هجومي على بعض من يتوّلون مراكز قيادية قد يُوظفها المجتمعين العربي أو الدولي في الإستحقاق الإنتخابي الرئاسي . وبنظر المستشارين في بيروت وبمشاركة سفراء ودبلوماسيّون أجانب متقاعدون يعربون أنّ لبنان سيكون جائزة ترضية على طاولة البحث لأنّ الأصيل غائب لا بل يُجيّر الأمور إلى من أمسكوا بالساحة اللبنانية وبكل جوانبها وهذا الأمر يشي بصعوبة إيجاد حل منطقي للأزمة اللبنانية لأنّ المُفاوض يبتّز كما جرت العادة منذ الستينات ولا حاجة للتذكير بأنّ القرار اللبناني منذ الإستقلال مُصادر وهناك من يُفاوض بالإنابة عن لبنان وذلك لسبب جوهري أنّ اللبنانيين يختلفون ويتصادمون وليسوا أهل لمقاربة أمورهم . ويختم هؤلاء الدبلوماسيين” إنّ الحل في لبنان لا يزال بعيدًا وهو بحاجة إلى الكثير من الوقت ، وفي حالة نضوجه سيكون العنوان الرئيسي له : إنتخاب رئيس جديد للجمهورية مهمّته الإشراف على ورشة إستعادة لبنان من قبضة محتكريه ” . في قرارة نفسي وبعد مراجعات كثيرة إني أرى أنّ الحل بعيد المنال لأنّ لا قدرة لأي طرف على مقاربة الموضوع اللبناني بطريقة موضوعية .لهذه الأسباب التي ذكرت أتمنى على غبطة البطريرك الراعي أولاً أن يكون لديه الجرأة على الإعتراف بفشله التام على صعيد معالجة الأزمة السياسية في لبنان ،وبالتالي إنّ الإعتراف بالفشل ليس خطاءً ،ثانيًا في حال رغبت البطريركية التدخل في إيجاد حل للأزمة اللبنانية عليها بداية طرد كل متسوّل سياسي يطرق بابها طالبًا بالهمس المُساعدة وهو عمليًا يقصد إقتناص دور معين على غرار الأدوار الذي لعبها سابقًا والتي أدت كغيرها في سوء الأمور في البلاد ، ثالثًا ،غبطة البطريرك الموارنة والمسيحيون واللبنانيّون في خطر وباب صدّه هو الباب الذي أعطيَ “مجد لبنان” فلا توصد هذا الباب مصلحة لبنان فوق كل إعتبار .
“حبل الكذب قصير”، جماعة السياسة في لبنان يُعدْ القضاء إبتكارًا قانونيًا يعمل من خلال قوانين وضعية وأعراف إجتماعية قانونية أنجزتها إرادة عامة لفض النزاعات بين الناس لتكريس العدل وحماية الحقوق والحريات ورفع الظلم الذي يلحق بأي مواطن من السلطات وهنا أشير إلى الظلم الذي لحق بشهداء تفجير مرفأ بيروت . إنني وبعد إستشارة أكثر من مرجع قضائي هنا في فرنسا وخارج الأراضي الفرنسية وصلتُ إلى قناعة أنّ القضاء يسعى إلى إحتراف الوصول إلى العدالة في أحكامه التي تُعّد الميزة الكبرى لأي نظام قضائي فاعل ، حيث لا يمكن لأي متابع سواء أكان لبنانيًا أو أجنبيًا تصوّر إمكانية نهوض القضاء بأمانة العدل دون تأمين الإستقلال الفعلي والكامل له ، إنّ القضاء المُنّزه الموثوق هو شرط أساس للدولة القانونية ولمسيرة التنمية والتطوير والتحديث ، ويجب أن يبقى مستقلاً بعيدًا عن المؤثرات والمداخلات من أي جهة أتتْ وهنا أغتنم الفرصة للإشارة إلى ما تفضّل به أحد ذوي شهداء مرفأ بيروت عبر برنامج تلفزيوني مبرزًا وثائق تُدين أكثر من مرجع ،لا بل أزيد على ما تفضّل به مُطالبًا بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية والتوّسع في التحقيق . إنّ حقوق أهالي وشهدأ المرفأ هي حقوق طبيعية تلتصق بأوضاعهم ولا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في ظل غياب حكم القانون ،قسمًا بالله ووفاءً للشهداء ولأنني أعتبر نفسي مؤتمن على دماء كل الشهداء وبمن فيهم الشهيد “وليم نون – إبني ” لأنني تربيت على الحق وصاحب حق ومبدأ ولأنني أريد العيش في مجتمع سيادة القانون ، كلّفت مرجعًا قضائيًا دوليًا إعداد ملف يتضمن لوائح ووثائق لرفعه إلى الجهات الدولية المختصة لأنّ تصرف الدولة اللبنانية هو مصدر للظلم والشكوى وإنني أسعى للدفاع عن المظلوم وإعلاء كلمة القانون .
راجعني هذا الأسبوع أكثر من مواطن لبناني طالبًا مني رفده بأدوية مزمنة مفقودة من السوق اللبناني ،أو بصريح العبارة لا قدرة له على تأمين سعرها، وهي في إطار الإستعمال اليومي وغالبًا ما يكون طلب الأدوية للأباء والأمهات الذين يعانون من أمراض مزمنة . راجعتُ إحدى الإدارات هنا في فرنسا مستفسرًا عن بعض هذه الأدوية وعن آلية إرسالها لطالبيها ، وكل الشكر لمن ساعدني ويُساعدني لتلبية هذه الطلبات . ما لفتني أنّ مرجعًا طبيًا وبرفقة مرجع رسمي أفادني أنّ ذلك الأمر مستهجن وعلى سلطاتكم تلبيتها وفقًا للأصول حيث الحقوق والواجبات وجهان لعملة واحدة لذلك للمواطنين حقوق وعليهم واجبات ،وأما الحقوق التي يجب أن توفرها الدولة للمواطنين وأهمها وفق القانون الدولي والقانون الفرنسي وحتى اللبناني الحق في الأمان والحماية وهي الحرية الأساسية للحمايات الأخرى ، وكما أنّ من حقوق المواطن أن تكفل الدولة حقه في الطبابة أي الرعاية الصحية في المرحلة الإلزامية . “دولتكم اللبنانية تُهمل ما ورد : الحق في الرعاية الصحية وهي تشمل بالإضافة إلى الحصول على التأمين الصحي وتلبية الطلب على الخدمات الطبية في المناطق بأسرها لكل مواطن الحق في الحصول على الرعاية الطبية في المستشفيات والمؤسسات الحكومية ، بنفس مستوى الخدمة كما هو الحال في فرنسا وباقي الدول ” أنتم ملزمون برفع شكوى مفصّلة عن معاناة شعبكم الصحية لدى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ، بإعتبار فعل دولتكم جرم موصوف ” لن أزيد على ما ورد بل أتمنى أن نصل إلى قضاء يُنصف حقوقنا .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 2 تمّوز 2022