بقلم : سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ: إلاّ الحريات يا أصحاب المقامات الرسميّة
أصحاب المقامات الرسميّة المحترمين ، خجلتُ من نفسي عندما تجولتُ في أحد شوارع العاصمة الفرنسية وخاطبني أحدّ الدبلوماسيين الفرنسيين الذين خدموا في الجمهورية اللبنانية : ماذا يحصل في بلدكم الديمقراطي؟ قالها بلكنة المتعجّب ، نعم ضربني الخجل لأنني لبناني مغترب ، ولأنني من بلد الحرف ولأنني من عاصمة إسمها “بيروت أم الشرائع” ولأنني حفيد كاتب شرعة حقوق الإنسان الدكتور شارل مالك .
أصحاب المقامات الرسميّة المحترمين ، إستنادًا إلى القوانين الدولية واللبنانية تعرف مختلف الحقوق التي يُمارسها المواطنون طواعية بالحريات ، وتوصف بأنها عامة لكونها من حق الجميع . كما يميِّزْ القانون الحريات العامة بين نوعين رئيسيّن وهما حريات جماعية أو سياسية ، وحريات مدنية أو فردية ، أو دينية .
أصحاب المقامات الرسميّة المحترمين ، ضَمَنَ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة 1948 ، حق ممارسة الحريات العامة لجميع الأفراد دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو الإنتماء الطائفي ، أو الإنتماء الثقافي . وقد ميّز هذا الإعلان بين حقوق مدنية كحق المساواة وعدم التعرّض للتعذيب أو الإعتقال التعسفي وهنا بين هلالين ( ما إرتكبتموه مع سيادة المطران موسى الحاج يقع في خانة الإعتقال التعسفي الذي تمارسوه منذ سنين برعاية دول إقليمية وحتى في ظل سكوت دولي مُدان …) ، وحق التنّقُلْ والإستقرار والحقوق العائلية ، وحقوق سياسية ، كحرية التعبير وحق الإنتماء النقابي والحزبي وما عداه من حقوق . إنني أسعى بكل ما أوتيتْ من جهد إلى توثيق تلك الخروقات وإرسالها إلى الجهات المعنية .
أصحاب المقامات الرسميّة المحترمين ، يضمن الدستور اللبناني في مقدمته وكل أبوابه حرية الرأي والتعبير وحرية التفكير بجميع أشكاله ، وحتى حرية الإعتقاد والتديّن وممارسة العمل الرعوي على الطوائف والمذاهب . هل تعلمون يا سادة أنّ الحرية بالمعنى العام هي خاصة الموجود وهي ضرورة إنسانية ومنحة وهبة إلهية خصت فقط من أجل الإنسان دون الحيوان وحق طبيعي كامن ومنحدر من الحق الوجودي للإنسان على الأرض . فالحرية مرتطبة بالحياة ولا وجود للواحدة دون الأخرى . كما أنّ الحرية هي القدرة على التصرُّف بما لا يضُّرْ الآخرين . وعندما يتحدث كل فرد منّا عن الحرية يتبادر إلى أذهاننا كلمة التحرُّرْ أي الحصول على الإستقلال والتخلص من القيود وهذه رغبة جُبِلَ بها الإنسان ، وعلى أمل أنْ نتحرّرْ من سطوتكم .
أصحاب المقامات الرسميّة المتحرمين ، الإختلافات بينكم وبين الآخرين هي طبيعية في نظام ديمقراطي ، ولكن أفعالكم هذه بدّلت النظام الديمقراطي بنظام بوليسي دكتاتوري قمعي طال الجميع ومنهم مناضلين في السابق واليوم رجال دين ، وحتى خلافاتكم مع بعض كوادر المعارضة أودتْ إلى تصفيتهم جسديًا ، وهنا أتحفظ على كلمة “تصفية” وأنتظر النهار الذي نستلم فيه زمام الأمور لكي نبني على الشيء مقتضاه … وعلى ما يبدو أصابع الإتهام في بعض التصفيات تتجه صوبكم أقلّها جريمة مرفأ بيروت وما أسفر عنها . إنّ السياسي الشجاع ليس هو الذي يخاف ويُرسل عسكره لقمع متظاهرين أو ليُسطِّرْ إستنابات قضائية مبنيّة على إخبارات كاذبة تطال نُبُلْ أي مواطن سواء أكان علماني أو رجل دين . إنّ هذه التصرفات وكان أخرها توقيف مطران عائد من أبرشيته الكائنة في حيفا… إنّ السياسي الطاهر وأنتم بعيدين كُلْ البُعْد عن الطهارة السياسية تتغلّب عليه الروح النبيلة ويواجه ببسالة هذا الخطر الذي تهاب منه طبيعته .
أصحاب المقامات الرسميّة المحترمين ، صدق “وينستون تشرشل ” عندما قال ” عندما تسير وسط نيران الجحيم واصل السير” نعم سنواصل سير العدالة ونحن علمانيين وروحيين لا نخاف الإعتقالات ولا نخاف التوقيفات الإعتباطية والتهم المفبركة ، وسنُتابع مسيرتنا النضالية بمنتهى الهدوء والوضوح والجرأة وننظر إلى الأمور بواقعية من منظورها السليم ، ولن ندعكم تسيطرون علينا بالإرهاب الفكري … سنعالج كل مشكلات لبنان بكل رويّة وبرؤية نظامية لا تختلف والقوانين المرعية الإجراء وسننتصر على شرّكم . فحذار تكرار ما حصل مع سيادة المطران موسى الحاج ، نحن أبناء الحرية …
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ