قداسة الحبر الأعظــــــــــــــم لبنان أخر موقع للحرية في الشرق
قداسة الحبر الأعظم ، عميد السلك الدبلوماسي سعادة السفير البابوي ، غبطة البطاركة والأساققة ، سماحة المفتين ، جانب البعثات الأجنبية العاملة على الأراضي اللبنانية ، جانب الساسة ، جمعيكم مسؤولون عن مأساة هذا الشعب المسيحي المشرقي ، كلٌ منكم وفق مسؤوليته الروحية والمعنوية والسياسية عن إضعاف هذا الشعب وتشريده وضرب مقوّمات عيشه . إنّ الشعوب المسيحية في هذا المشرق تتعرّض لخطر وجودي من كل القوى المحيطة بها وما من أحد مُعفى من هذا الجرم، خاصة عند الحديث عن ضرب الوجود المسيحي المشرقي وإستفحال التعّدي على القوانين … وهو خطاب رسمي مُبيّت يتجدّد في كل مناسبة بإختلاف الظروف ، فالأصولية عدوّة التعايش وتمثِّلْ تهديدًا وجوديًا في نظرنا ، وترتكز نظرتنا إلى ما تعرّض له الوجود المسيحي في كل الدول العربية ولم يُحرّكْ أيُّ واحدٍ منكم ساكنًا ، والسكوت عن الجريمة في القانون جرم يُعاقب عليه القانون .
حضرات السّادة ، موقفنا واضح من كل مقصِّرْ أنْ لا نعتبر القيادات مهما علا شأنها فوق النقد ، ومهما أخذت من شأن ، ومهما أخذت من قداسة ، فليس هناك من معصوم . ولكن نقدنا موضوعي علمي قانوني وبنّاء . لا بل واجب علينا كشعب أن ننتقد المسؤولين حتى لا نغريهم بالخطأ وحتى لا تغرّهم أنفسهم ، وحتى يشعروا بمسؤولياتهم في قيادة شعوبهم . هذا ما يجب أن نفعله ويجب أن نتعلّم أن أن ننتقد أنفسنا بأنفسنا . وأن ينقد بعضنا بعضًا سواء أكانت المسألة نقد القيادة للقاعدة ، أو نقد القاعدة للقيادة ، ولأنّ المسألة إذا لم تركِّزْ على أساس النقد البنّاء فستضيع قضايا الوطن أمام بهلونيات الأشخاص وقداستهم وهذا ليس في الدوائر الفردية بل حتى في الدوائر الكبرى .
حضرات السّادة ، هناك في لبنان أحزاب مرجعيات سياسية مسيحية وإسلامية وغيرها من التجمعات ، وجميعها تحمل من الأخطأ من تيّسَرْ … ولهذا يتذاكى هؤلاء المسوؤلون على حماية المتطاولين على القوانين وحماية المجرمين ، وحتى تخفيفها لأنه ينتمي إلى هذا أو ذاك الزويعم … أما في حالة فِعْلْ ربما جريمة أو نسبْ جريمة ومعصية أقل من معصية المجرم المدعوم تقوم القيامة وتسقط السماء على الأرض : أين الدين ؟ أين القانون ؟ أين المبادىء ؟ نعم خرب الوجود المسيحي في هذا الشرق عندما إنوجدتْ قيادات فاقدة لأي صفة تمثيلية وتبيع ضميرها عند كل مفصل تاريخي … المسيحيّون في خطر الذوبان والتهجير طال أكبر عدد منهم في كل العواصم المشرقية العربية أمام سكوت مُطبق ومن كل المسؤولين ومن دون إستثناء … ويأتيك من يقول لنا وبكل وقاحة وقلّة أدب وعهر : ” نحاول وقف عمليات التهجير والمحافظة على المسيحيين …” حقًا إنه العار بعينه .
حضرات السّادة ، سكوتكم غير مقبول عمّا حصل لراعي أبرشية حيفا والأراضي المقدّسة على معبر الناقورة ، تغاضيكم يُثبت تواطئكم وعجزكم عن معالجة هذا الأمر بالأطر القانونية . هل يُعقل ألاّ نسمع أصوات البطاركة والأساقفة ؟ هل يُعقل أنْ يمُّرْ هذا الحادث من دون معالجة قانونية سياسية ؟ هل يُعقل أنْ يُطالب بطريرك وبصيغة التمنّي بإرجاع من صودر من أسقف عائد بمساعدات إنسانية وطبيّة تعجز الدولة عن تأمينها لرعاياها ؟ هل يُعقل أنْ يقف بطريرك في حضرة كنيسته وبعد أسبوع على الحادثة مستجديًا ؟ هل يُعقل أنْ يُسمح بتسييس وإستغلال هذه الحادثة المؤلمة ؟ أي نوع قادة أمامنا !!!
حضرات السّادة ، نعم هناك جريمة إفتراء وهذه الجريمة هي من الجرائم التي حذّر منها كل المُشرّعين ونصّت عليها في كل القوانين ، وذلك لخطورة هذه الجريمة ، وهي تنشأ نتيجة لسوء نيّة مرتكبيها وأيضًا فإنّ من يفتري على شخص إنما يُسيْء في حقه في إستخدام القضاء واللجوء إليه ، إذ يقوم المفتري بإختلاق معلومات من شأنها تضليل العدالة وإنحرافها لنتيجة لا يمكن قبولها أو السكوت عنها .
حضرات السّادة ، في الواقع تكرر بصورة معيبة سكوتكم عمّا تعرّض له مطران الأراضي المقدّسة وهو إبن الكنيسة المارونية السريانية الأنطاكية بانية الكيان اللبناني ، وإلتزامكم المطلق روحيين وزمنيين بالصمت أعمى الحقيقة لدرجة أنْ أضحى هذا الصمت مبررًا لإدانة كنيستنا المارونية بتهمة العمالة أو التلميح عنها … كفى أيُّها السّادة الخطر يداهمنا جميعًا ، أطردوا الأبالسة من بين صفوفكم وتجرأوا على المواجهة وإلاّ لستم على قدر المسؤولية ، إرحلــــــــــــــــــــوا .
سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 28 تمّوز 2022