فن

نجاح سلام … صوت متميز طالبت إسرائيل باغتياله!!

#أسست أول فرقة موسيقية عربية عازفاتها من النساء فقط في الكويت

#أنجبت سمر وريم وتزوجت ثلاث
مرات
#هذه حكاية ” سوريا يا حبيبتي اعدتي لي هويتي”
بقلم | جهاد أيوب
في رحيل واحة الطرب والفن القديرة نجاح سلام نكون قد فقدنا رمزاً وحالة وقيمة إبداعية متميزة، هي في وجدان الفن العربي، وحديقة غنية من الغناء الصح، والتمثيل الذي يليق بمطربة اغنت السينما المصرية في عز لنتاجها، وشامخة في الأغاني الوطنية خاصة في مصر الغالية.
في كل لقاء يجمعنا هنا في لبنان أو في دولة الكويت أو جمهورية مصر كانت واضحة وشامحة وواثقة وفخورة بكل ما قدمته، ولا تزال متفائلة بالمقبل الفني رغم تغيير الواقع العربي بكل فصوله، ورغم تشتت فنونه، تتحدث كما لو أن الدنيا بألف خير، وتذكرك بالماضي، وفعلاً هي وفيه له، تعتبر الأصالة عائدة مهما طال الزمن، ومهما عبث الدخلاء بالفن، هي ليست خائفة على الطرب العربي اليوم رغم ندرته، مؤمنة بأن موروثنا يكفي لصد هجمات أخطر جيوش الأعداء وأحدث سلاحهم المتطور!
لا تهتم نجاح بالمظهر على حساب الصوت، ولديها سياستها الخاصة معه، نخالها صديقة بدأت بالأمس حينما نلتقي معها، أو نتحدث إليها، ونحاورها، ولا تتغنى بما صنعته بالفن ولكن لا تتجاهله أبداً…
خدمت الكبيرة نجاح صوتها بحب، وأخلصت له فكان صافياً وصادقاً معها، ومنذ انطلاقتها بفن الغناء وحتى اليوم قبل رحيلها حيث تجاوز مشوارها أكثر من خمسين سنة لا يزال صوتها شاباً لا يعرف الأفول، وقوياً ببحته الناعمة والجميلة، و لا شيخوخة فيه…
نجاح سلام… ابنة البيت الديني البيروتي الملتزم، و منه تخرج رجال دين وزعامات لا غبار عليها، وصاحبة المواقف الوطنية وتؤمن بالعروبة، غنت للوطن الأكبر فطالب أعضاء الكنيست الإسرائيلي أيام الوحدة المصرية السورية باغتيالها فوراً بعد أن صرخ رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الشرس “سمعون بيرير” في الكنيست: ” أسكتوا هذا الصوت نهائياً… ولا تسمحوا للإذاعات العربية ببث أغانيها الوطنية”!!
في صوت نجاح نبرات عالية من الدفء والحنان والثورة، بدأت بشخصية لا تشبه غيرها، وصنعت صفحات تعنيها وتضعها على أرض ثابتة في حضرة المنافسات الأقوياء من أبناء جيلها آنذاك ” صباح، ونور الهدى، وسعاد محمد ومن بعدهن فايدة كامل، وفايزة أحمد ووردة”، وفي حضرة سيدة الطرب أم كلثوم، وانيقة الحضور السينمائي ليلى مراد…ونجاح سطرت حبرها بثقة، ونافست بإحترام، ولم نسمع يوماً أنها تشاجرت تخاصمت تنافرت تقاتلت مع زميلاتها مع إنها واضحة وصريحة في إعطاء الرأي، وفي الفن لا تحب التواضع ولا الانكسار ولا المراوغة… هكذا تفهمه، ولهذا هو يحبها…
ذات يوم، وعلى مسمع كاتب هذه السطور وبحضور الراحل رياض شرارة صرح قائلاً الموسيقار الكبير رياض السنباطي حينما استمع إلى أغنيات لحنها وغنتها أم كلثوم سابقاً، وعاد وسمعها بصوت نجاح سلام: ” بعد سماعي لنجاح تغني أعمالي بكيت، فأنا كنت أرغب بهذا الإحساس النسائي خلال تأدية أعمالي، بينما أم كلثوم غنتها بتقنية عالية وبخبرة، وبإحساس جاف وحاد، نجاح أبدعت، وألحاني كانت تحتاج إلى هكذا إحساس مرهف ونسائي”… والكل يعلم صعوبة أداء ألحان رياض الأصيلة حيث تتطلب إمكانيات صوتية عالية!!
نجاح سلام متواضعة في الحديث عن فنها، وشرسة إذا حاول أحدهم التطاول على جهودها، وناقدة جارحة لدخيل يعطي رأياً ولا يعرف قيمته، وما أن بدأت ظاهرة الغناء من دون الصوت، والتطريب بالخصر والسوليكوم والنفخ قررت ارتداء الحجاب دون اعتزال الفن، وطرحت ألبومها الأخير منذ أكثر من عشرين سنة ” أهل الوفاء” برفقة فيديو كليب عن الأصالة العربية واللبنانية في أصول الغناء بمشاركة الممثل الراحل أسعد – عبدالله حمصي – وتركت الساحة بأيرادتها كي تمر تلك الموجة المرحلة بعيداً عن تأثيرها بجهودها وجهود غيرها ممن زرعوا مداميك الفن الذهبي في المكتبة العربية، وطالت الموجة وحرمتنا نجاح من صوتها ومن حضورها إلا عبر إطلالات نادرة، فهي أول مطربة بعد الشاعر سعيد عقل اشترطت حصولها على مقابل مادي جراء أي حوار فضائي منذ أكثر من 20 سنة، وحتى اليوم ترفض الظهور بالمجان، وتصر على أن تحصل على أجر تستحقه، ربما هذا غيب إطلالاتها عن فضائيات اليوم، ولكن من دون مكابرة ومجاملة نحترمها لموقفها الذي لم تغيره من أجل الظهور لمجرد الظهور!!
“حول يا غنام”، و ” برهوم حاكينا”، و” يا ريم” شهدت بداياتها مع الغناء، ومع إنها تنقلت من قصيدة فصيحة إلى قصيدة شعبية وخليجية ووطنية، وأبدعت في أداء أصعب المقامات، ووقفت شامخة في تأدية الغناء اللبناني الجبلي الصعب ظلت تلك الأغاني الأكثر ارتباطاً بها، ولم يزعجها ذلك بل يسعدها لكونها تركت بصمة على خد الغناء العربي، ويحسب لها أيضا أنها أسست أول فرقة موسيقية عربية عازفاتها من النساء فقط في منتصف السبعينيات في دولة الكويت، وغنت تحت إدارة تلك الفرقة التي شكلت ظاهرة غيبها حرب لبنان وإهمال بعض الإعلام للحدث!!
باختصار…نجاح سلام صورة الوفاء والكبر واحترام ماضيها هي نيجاتيف صبر ومثابرة نجاح سلام … عفوا الأستاذة نجاح سلام!!

* سطور منها

ولدت نجاح سلام في مدينة بيروت، من مواليد 13 مارس 1931، هي نجاح محيي الدين سلام، مغنية وممثلة لبنانية – مصرية وعربية، وقد عُرفت بأدائها للأغاني الوطنية والابتهالات الدينية والاغاني الشعبية والكربية الصعبة، وهي حاصلة على جائزة الأوسكار من جمعية تكريم عمالقة الفن العربي في الولايات المتحدة عام 1995، ووسام من الجمهورية برتبة فارس من الرئيس الياس الهراوي.
جدها الشيخ عبد الرحمن سلام مفتي لبنان ووالدها الفنان والأديب محيي الدين سلام واحداً من أبرز الملحنين وعازفي العود في لبنان والوطن العربي، ومؤسس الإذاعة اللبنانية، وشقيقها الصحفي الراحل عبد الرحمن سلام. تعلمت أصول الغناء من والدها الذي كان منزله أشبه ما يكون بمعهد فني يحضر فيه جميع فناني لبنان والشرق.
بدايتها في الغناء كانت من خلال الحفلات المدرسية التي كانت تقام مع نهاية كل عام.
في عام 1948 صحبها والدها إلى القاهرة حيث عرّفها على كبار الفنانين مثل أم كلثوم والموسيقار فريد الأطرش وشقيقته المطربة أسمهان والشيخ زكريا أحمد وغيرهم. وفي العام 1949 سجلت لشركة بيضا فون أول أغانيها وهي “حول يا غنام”، وأغنية “يا جارحة قلبي”، وحينها احترفت الغناء.
غنت في كل من حلب، ودمشق ، وبغداد، ورام الله. في بداية العام 1950م عادت إلى لبنان لتسجيل بعض الأغاني للإذاعة اللبنانية، وكانت أولى هذه الأغاني “على مسرحك يا دنيا”.
انطلاقتها السينمائية مع أول أفلامها “على كيفك” مع الفنانة ليلى فوزي، وفيلمها الثاني “ابن ذوات” وفي هذا الفيلم غنت عدة اغنيات مثل: “برهوم حاكيني”، “الشاب الأسمر”، وغيرها. ثم مثلت فيلم “الدنيا لما تضحك” مع شكري سرحان وإسماعيل ياسين، ثم فيلم “الكمساريات الفاتنات” مع كارم محمود.ّ
وفي العام 1956م كان العدوان الثلاثي على القاهرة، فغنت أغانيها الوطنية مثل “يا أغلى اسم في الوجود” ثم قصيدة “أنا النيل مقبرة للغزاة” للشاعر محمود حسن إسماعيل، وهذه الاغنية تردد إلى اليوم في مصر. وفي فيلم “السعد وعد” اختلف المخرج مع البطل شكري سرحان فرشح والد نجاح سلام المطرب اللبناني محمد سلمان للقيام بدور البطولة أمام ابنته، فتشاء الأقدار أن يكون هذا الفيلم سبباً في زواجهما .
توجهت بعد ذلك إلى القاهرة للقيام بطولة فيلم “سر الهاربة” مع الفنانة سعاد حسني وكمال الشناوي، ثم فيلم “الشيطان” مع فريد شوقي وشمس البارودي.
وفي العام 1971 سافرت إلى الأردن بدعوة من وزارة الإعلام وقدمت أغانيها إلى الإذاعة الأردنية، ثم توجهت إلى العراق بدعوة من وزارة الإعلام.
وفي العام 1972 سافرت إلى القاهرة حيث شاركت في بطولة احد الأفلام مع كوكا وفريد شوقي، وفي عام 1973 سافرت إلى سوريا بعد الانتصار على إسرائيل إبّان حرب تشرين وغنت أغنية وطنية هي “سورية يا حبيبتي ” بالمشاركة مع محمد سلمان والمطرب محمد جمال، ولهذه الاغنية حكاية جميلة حيث كانوا جميعاً عائدون إلى بيروت وفقدوا جوازات سفرهم، وحينما وجدوها ارتجل سلمان “سوريا يا حبيبتي اعدتي لي هويتي”، ووقع العدوان الثهيون على سوريا فقرروا عدم السفر، وذهبوا إلى إذاعة دمشق لتسجيل الأعمال الوطنية، فذكرت نجاح زوجها سلمان بمطلع الاغنية، وكانت ولاتزال انشودة سورية.
وفي العام 1974 اندلعت الحرب اللبنانية فسافرت إلى القاهرة وأقامت فيها حيث تم تكريمها بمنحها الجنسية المصرية وأطلق عليها لقب “عاشقة مصر” لما قدمته من أغنيات وطنية صادقة من عهد الرئيس جمال عبد الناصر إلى يومنا هذا.
وعندما استلم الرئيس اللبناني إلياس الهراوي رئاسة الجمهورية اللبنانية، قام بزيارة القاهرة، وكانت الفنانة الكبيرة نجاح سلام أول المستقبلين له في مبنى السفارة اللبنانية في القاهرة، فبادرها بالقول أنها ثروة وطنية وفنانة عظيمة لا يجوز أن تظل خارج بلادها، وعادت إلى لبنان وقدمت أعمالاُ وطنية كبيرة مثل “لبنان درة الشرق” كلمات الشاعر صالح الدسوقي وألحان الفنان أمجد العطافي، وظهرت غي برامج سيمون أسمر آنذاك.
* من أعمالها الغنائية نذكر:
احبك، واندهت عليك، لا مال ولا جاه، شو بتعمل فينا، الله يا لبنان ما اجملك، عاد المحبوب، ميل يا غزيل، برهوم حاكيني، اغراب، الشب الاسمر جنني، ضوي يا قمر، حول يا غنام، دخل عيونك حاكينا، على لالا ولالا، العروس مكحله، زنوبه…..

* من أعمالها السينمائية نذكر:
على كيفك (١٩٥٢)، السعد وعد(١٩٥٥)، في قلبها نار(١٩٦٠)، مرحبا ايها الحب(١٩٦٢)، سر الهاربة(١٩٦٣).

*العائلة
تزوجت من المثل والشاعر والملحن والمخرج اللبناني محمد سلمان عام 1955، ورزقا سمر و ريم.
واثمر الزواج تأسيس شركة الإنتاج للأفلام “سمر فيلم” وشركة “ريما فون” للكاسيت، وبعد زواج دام لحوالي ال 10 سنوات تم الانفصال بينهما واستمرت الصداقة إلى حين رحيل سلمان.
وتزوجت من بعدها مرتين، زوجها الثاني فؤاد مقبل، والثالث الدكتور عدنان العريس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى