عملية ختان كادت أن تتسبّب بكارثة: مصل منتهي الصلاحية والضحيّة طفل!
كتبت إيسامار لطيف في موقع mtv:
في زمن تطوّر الطبّ والتكنولوجيا والرعاية الصحيّة، لم تعد بعض العمليات الجراحية مهمّة صعبة أو مُربكة واحتمالات مضاعفاتها مرتفعة كالسابق، لا سيّما في لبنان الذي لمعت فيه أسماء أطباء محترفين، تمكنوا من حجز مقاعدهم عالمياً في عمليات مستعصية وشبه مستحيلة. فكيف لقطاع استقطب العرب والأجانب طوال السنوات الماضية وحقّق إنجازات طبيّة أدهشت الاختصاصيين، أن يعجز أمام عملية ختان صغيرة ويُعرّض حياة طفل للخطر كما حصل في مستشفى قبرشمون الحكومي قبل أيّام؟
لمَن لا يعرف، فإن عمليات الختان عبارة عن جراحة بسيطة تُجرى للأطفال الذكور بعد ولادتهم مباشرة أو حتى سن العاشرة. وتتنوع دوافع هذه العملية بين النظافة الشخصية والأسباب الثقافية والدينية. وهي تُعتبر من التقاليد العربية المتوارثة التي ما زال عددٌ كبير من أفراد المجتمع يحافظ عليها ويحتفل بها بـ”طنّة ورنّة”.
لم تدرك عائلة “غريزي” أن ما ينتظرها لحظة ختان الطفل سلطان البالغ من العمر ثلاث سنوات سيحوّل فرحتها بابنها البكر إلى نقمة، بعدما تسبّبت إبرة التخدير والمصل بمضاعفات غير طبيعية ظهرت عليه وسط عدم اهتمام المستشفى وكادره الطبي، ما تطلب نقله إلى مستشفى الكرنتينا الحكومي لمعاينته على الفور.
“دخلنا صباحاً لإجراء العملية، لنجد أنفسنا بعد الظهر في العناية الفائقة”، يقول والد الطفل عمر غريزي لموقع mtv.
عند الساعة العاشرة صباحاً، دخلت عائلة الطفل سلطان غريزي إلى مستشفى قبرشمون الحكومي بهدف إجراء عملية “طهور” بسيطة. وبعد خروجه، وبشكل مفاجئ، انخفض ضغطه وكاد أن يتوقف قلبه، ما استدعى تدخلاً طبياً سريعاً. في البداية، لم تستوعب العائلة هذه “الجلبة” كلّها في أروقة الطوارئ. وعن طريق الصدفة، اقترب الأب من ابنه ليتفحص جبينه خوفاً من ارتفاع حرارته، فاكتشف أن “تاريخ المصل منتهي الصلاحية منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبعدها اكتشف أن “البنج” الذي حُقِنَ به ابنه عبارة عن خليط فاسد نتيجة المضاعفات التي حدثت عنده”، وفق رواية عمر.
ويتابع: “اقتربت من طفلي لأجد المصل منتهي الصلاحية، عندها طلبت من الممرضين التدخل، لا سيّما بعد ارتفاع حرارته وانخفاض ضغطه وتسارع دقات قلبه الذي كاد يتوقف. وفي وسط هذه المخاوف، أتاني الردّ ببرودة من إحدى الممرضات: “بتصير أستاذ، يمكن عنده حساسية على البنج”.
يستغرب الأب عمر غريزي ردة فعل المستشفى الهادئة أمام هذه الحادثة، مع العلم أن حالات مشابهة كثيرة تعرّضت لمضاعفات ونُقلت إلى مستشفيات مجاورة للأسباب نفسها وحتى الآن لم تتحرك وزارة الصحة لاتخاذ إجراءات حيال ذلك.
“نقبل مشيئة الله وقدره ولا نعترض على ما يصيبنا. لكن في الوقت نفسه، نرفض أن نكون أرقاماً عابرة أو حقول تجارب في مستشفى تقبل إدارته بإعطاء مصل منتهي الصلاحية منذ ثلاث سنوات تقريباً وبنج فاسد، ناهيك عن المعاملة الفظة للطاقم التمريضي واختفاء الطبيب المفاجئ، ورفضهم تسليمنا الأوراق والإثباتات اللازمة على فسادهم للتقدّم بشكوى رسمية. لذلك، أرفع الصرخة لأن ما حصل معنا قد يحصل مع أيّ عائلة أخرى، وقد لا تمر على خير، لا سمح الله”، يؤكّد الوالد في حديثه.
بناءً على حقّ الردّ، حاولنا التواصل مع مستشفى قبرشمون الحكومي، إلا أننا لم نحصل على أيّ جواب. فتواصلنا مع الدكتورة المسؤولة عن قسم الأطفال في مستشفى الكرنتينا يولا ناصيف، التي أكّدت لنا “دخول الطفل إلى العناية الفائقة من باب الاطمئنان وحسب، إذ عند وصوله إلى الطوارئ لم يكن يعاني سوى من الخمول والتعب”، داعيةً الأهالي إلى “تقديم شكوى رسمية في وزارة الصحة أو نقابة الأطباء لمتابعة الحادثة وليرتاح بالهم”.
الفساد لم يعد محصوراً بالمكاتب الفخمة أو وراء أبواب الإدارات الرسمية التقليدية، بل بات خطراً حقيقياً يُهدّد حياتنا كباراً وصغاراً بحججٍ مختلفة. وبعيداً عن كل الأسباب التي، مهما تعدّدت، تبقى نتيجتها واحدة، نسأل المعنيين: ماذا تنتظرون للبتّ في هذه القضايا ومحاسبة الفاسدين؟ وإلى متى سيدفع المواطن اللبناني ثمن صفقات مشبوهة؟