مصدر في وزارة الصحّة: القطاع الصحّي لا يزال صامداً
مع استمرار الحرب الهمجية من قبل العدو الإسرائيلي على لبنان وشعبه وتوسع رقعة الاعتداءات التدميرية، تتوسع معاناة هذا البلد من أزمات ضربت كيانه منذ عام 2019، بدءا بأزمة مالية وجائحة كورونا، مروراً بكارثة انفجار مرفأ بيروت عام 2020، عدا النازحين من بلدان الجوار بأعداد تفوق قدرة لبنان الاستيعابية من كل النواحي.
هذا البلد الذي عرف بسياحته الطبية، يرزح اليوم تحت وطأة أزمة تتفاقم يوما بعد يوم، فمستشفياته تعاني الأمرّين بعد تعرضها وطواقمها الطبية في عدد من المناطق للاستهداف، بسبب هذه الحرب الشرسة، إضافة إلى تهجير عدد كبير من الأطباء والممرضين والصيادلة، دون ان ننسى الهجرة لعدد كبير منهم بسبب الضربة الاقتصادية التي مر و يمر بها لبنان.
التحديات كبيرة، فهذه الحرب الشعواء تسببت بالكثير من الشهداء و الجرحى وحتى المهجرين، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمنشآت والآليات التابعة للطاقم الطبي. وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض أشار الى «صعوبة إحصاء حجم الاضرار المالية، التي لحقت بمؤسسات وزارة الصحة نتيجة العدوان الإسرائيلي»، مؤكدا ان «الرقم متحرك ويزداد يوما بعد يوم»، لافتا الى «سقوط عدد من الشهداء العاملين في مؤسسات تابعة للوزارة، كما الى تضرر عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية والآليات»، مضيفاً إن «بعض المناطق غير آمنة ولا يمكن الوصول اليها».
فالقطاع الصحي في لبنان يتعرض لاستهداف مباشر من قبل العدو الإسرائيلي، ما أدى إلى خروج 13 مستشفى عن الخدمة بشكل كامل وجزئي، مما فرض ضغوطاً إضافية على القطاع الطبي المنهك أصلاً، هذا ما أكده مصدر في وزارة الصحة، مؤكدا ان القطاع الصحي لا يزال صامداً، حيث رفعت المستشفيات والطواقم الطبية كامل جاهزيتها إلى حدها الأقصى، للحفاظ على خدماتها الصحية الأساسية، وتعمل لإحاطة الوضع قدر المستطاع، سواء من أجل إسعاف المصابين أو لمتابعة علاج المرضى المهجرين بالتنسيق مع وزارة الصحة، من خلال غرفة عمليات لا تهدأ بهدف تأمين العناية الصحية اللازمة».
وسط هذه الحرب التي تعكس عمق الأزمة التي يمر بها القطاع الصحي الصامد بحذر، تزيد من الضغوط التي تدفع به إلى حافة الهاوية، فهل يمكن للقطاع التأقلم إذا استمرت الحرب؟ نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان سليمان هارون أكد أن «المنظومة الصحية في لبنان، وفي ظل الوضع الراهن، قادرة على الصمود لأسابيع وليس لأشهر، بسبب الضغوطات الكبيرة جداً التي تتعرض لها»، مضيفا «أنا لا أريد أن أزرع الهلع في نفوس اللبنانيين، لكن هذا هو الواقع، فالطواقم الطبية تعمل فوق طاقتها، وقدرة التحمل عندها بدأت في النفاد أمام حجم وهول الإصابات».
وهنا تجدر الاشارة، إلى أن القطاع الصحي يحتاج إلى ما يقارب 120 مليون دولار لتغطية النفقات خلال الأشهر الستة المقبلة، وذلك من باب السعي لدعم بعض الجهود بحسب ما أكده وزير الصحة العامة الدكتور فراس الابيض، مضيفاً «رقم التهجير في المقابل هو رقم يتصاعد، وقد حملته الحكومة اللبنانية الى مؤتمر باريس».
فمع كل ضربة وتهديد ترتفع أعداد المهجرين في البلاد، فهل يتكرر في لبنان السيناريو الذي شهده قطاع غزة الفلسطيني، حيث تم استهداف المستشفيات في حال استمرت الحرب لا سمح الله؟ وقد نبه لبنان في الشكوى التي قدمها إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الاعتداءات «الإسرائيلية»، التي استهدفت القطاع الصحي في البلاد، إلى «المخاطر الكبيرة التي تهدد قطاعه الصحي في حال استمرار الحرب»، مناشداً «المجتمع الدولي تعزيز دعمه لهذا القطاع، وتقديم المزيد من المساعدات العاجلة لحماية البنية التحتية الصحية».
من جهتها، دعت «منظمة الصحة العالمية» إلى وقف الهجمات على مرافق الرعاية الصحية، فالرعاية الصحية يجب حمايتها في جميع الأوقات، والسلام هو الحل الوحيد، كما حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» على لسان المنسقة الطبية للمنظمة في لبنان الدكتورة لونا حماد من أن ظروف الحرب القاسية التي يرزح تحتها لبنان تعرض النظام الصحي للإجهاد، لافتة إلى أن المستشفيات «تواجه خطر نفاد المواد الطبية المستخدمة لرعاية الجروح، بعد كل مرّة يتدفق فيها الجرحى إلى غرفة الطوارئ».
الوضع في لبنان يبعث على القلق، لكن ليس هناك شك في أن أي بلد آخر لم يكن ليتمكن من تحمل كل ما يحصل، فالهجمات على مرافق الرعاية الصحية تضعف الانظمة الصحية، وتعيق قدرتها على الاستمرار في أداء دورها، فلا رادع «لإسرائيل» التي تضرب بعرض الحائط القوانين والأعراف الدولية، يوقف عدوانها على لبنان وإبقاء القطاع الصحي بعيدا عن دائرة الاستهداف والعدوان، رغم أن القانون الدولي الإنساني ينص بشكل واضح على ضرورة حماية المؤسسات الصحية والإغاثية والعاملين فيها خلال الحروب والنزاعات المسلحة، فهذه الاعتداءات هي جريمة حرب.
ربى أبو فاضل – الديار