سياسة

“حلّ العودتين” الحل النهائي والدائم للقضية الفلسطينية.

فادي رياض سعد

شكّل مشروع “حل الدولتين ” حجر الأساس الذي قام عليه اتفاق أوسلو للسلام عام 1993م، والذي تم على أساسه اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بشرعية دولة إسرائيل وحقها في الوجود، وإنشاء السلطة الفلسطينية التي تتمتع بحكم ذاتي على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن هذا الاتفاق كان مكسباً لطرف واحد منذ البداية، وانتزعت إسرائيل من خلال هذا الاتفاق اعترافاً رسمياً من الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني آنذاك، وظلت تماطل في الاعتراف بالدولة التي حلم بها بعض الفلسطينيين لأكثر من ثلاث عقود.

وبتنا نسمع كثيراً عبارة “حل الدولتين” كحلّ نهائي، وتسوية مُرضية للطرفين في الصراع بين الشعب الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي، على المستويين الرسمي والعام، ومن قبل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ولكن الخلفية التاريخية لهذا الصراع بين الشعب الفلسطيني، والمحتل الإسرائيلي يُعطي تصوراً واضحاً عن استحالة تطبيق هذا الحل على أرض الواقع، بسبب رفض العدو لهذا الحل المقترح من خلال التسويف والتأجيل المستمر لأي اعتراف بقيام دولة فلسطينية مستقلة، كما يعمل بقوة على إعاقة مساعي الدولة الفلسطينية المستقلة إقليمياً ودولياً.

تعليقا على الرفض الإسرائيلي وعلى القرار الذي أصدره الكنيست الاسرائيلي الذي رفض فيه علنًا إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة كان لـ وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى تغريدة على حسابه عبر منصة “اكس” حيث قال: ” الكنيست الإسرائيلي رفض اقامة دولة فلسطينية وبالتالي فإنه يرفض ما يسمى بـ “حل الدولتين”، وعلينا أن نسعى الى تمتين وحدتنا لنعمل بعدها بما أوتينا من قوى عسكرية ودبلوماسية واقتصادية إلى فرض ما دعونا إليه منذ مدة، وهو “حل العودتين” الذي لا خلاص لمنطقتنا وشعوبنا إلا به”.

وفي السياق نفسه دعا الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، إلى “حل العودتين”، بدلاً من “حل الدولتين”، وقال خلفان في تدوينة على منصة “إكس”: “مهما قصر الزمن أو طال، لن يكون هناك حل نهائي وعادل ومشروع ودائم للقضية الفلسطينية سوى حل العودتين، وليس حلّ الدولتين”.

والكثير من اليهود يدركون هذه الحقيقة، وقد أجمع العديد من مفكريهم بعد عملية “طوفان الأقصى”  في 7 تشرين الأول “أكتوبر”، أمثال كوهين ديفيد، وشلومو آلوني، ورونين كوفمان، وعزرا روزنثال، وفرانز إيهودا، على أن تجميع اليهود في فلسطين كان خطأ فادحاً قادهم إلى صراع دموي مع أهل الأرض بفلسطين، ويدركون أيضاً أن تجميع اليهود في فلسطين كان خديعة كبرى حرمتهم من الأمان الذي وُعدوا به والذي كانوا ينعمون به أصلاً في أوطانهم الأصلية، أوقعتهم في صراع دموي دائم مع أصحاب الأرض الأصليين “الفلسطينيين”.

وبعد زيارة إلى البيت الأبيض بتاريخ 27 أيار (مايو) 2010، سأل ديفيد نيسينوف، وهو حاخام يهودي وصانع أفلام مستقل، عميدة الصحفيين في البيت الأبيض آنذاك، “هيلين توماس”، عما إذا كانت لديها أية تعليقات بشأن إسرائيل، أجابته توماس: “قل لهم أن يخرجوا بحق الجحيم من فلسطين، هؤلاء الناس مُحتلّون وهذه أرضهم، إنها فلسطين وليست ألمانيا، أو بولندا”.

وعندما سئلت إلى أين يجب أن يذهب اليهود في فلسطين، أجابت: “يجب أن يعودوا إلى أوطانهم”. وعندما سئلت عن مكان هذه الأوطان، أجابت توماس: “بولندا، ألمانيا، أميركا وكل مكان آخر….”.‏

مما يعني أن استمرار العدو بتعنته ورفضه لكل الحلول وإمعانه في القتلٍ والتدمير والتهجير يضعنا أمام حقيقة راسخة بأن لا حلّ دائم وأبدي للقضية الفلسطينية إلا “حلّ العودتين”، وقوامه عودة الفلسطينيين إلى وطنهم المغتصب، وعودة المستوطنين المغتصبين إلى أوطانهم التي يحملون جنسياتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى