سياسةلا تصنيف

بخاري في حفل اطلاق كتاب علاقة البطريركية المارونية بالمملكة السعودية: نجدد الشراكة والأخوة تحت مظلة عروبية جامعة…..

اقيم في الصرح البطريركي في بكركي احتفال لمناسبة صدور كتاب “علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية” للآباتي انطوان ضو الانطوني، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضور سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان وليد بخاري.

كما حضر الاحتفال، الذي دعا اليه الرئيس العام للرهبانية الانطونية المارونية الآباتي مارون ابو جودة، مدير المراسم في القصر الجمهوري نبيل شديد ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الرئيسان امين الجميل وميشال سليمان، الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، الوزيران في حكومة تصريف الاعمال: الداخلية محمد فهمي والاعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد، السفير البابوي المونسينيور جوزيف سبيتاري، وفد من حزب “القوات اللبنانية” برئاسة النائبة ستريدا جعجع، قائد الجيش العماد جوزيف عون، المدير العام لامن الدولة اللواء انطوان صليبا، ووزراء ونواب حاليون وسابقون وحشد من الفاعليات السياسية والعسكرية والنقابية والدينية والديبلوماسية.

في بداية الاحتفال القيت كلمات لكل من: الآباتي ابو جودة والآباتي ضو والزميل نوفل ضو، تناولت العلاقات المتينة مع المملكة العربية السعودية والزيارة التاريخية للبطريرك الراعي الى السعودية.

بخاري
بعدها كانت كلمة السفير بخاري، الذي قال: “نجتمع اليوم في مناسبة جامعة للفكر والثقافة، مناسبة تجسد مسيرة تاريخية لعمق العلاقة بين المملكة العربية السعودية والبطريركية المارونية والتي تمثل ضمانة حقيقية للحفاظ على لبنان الرسالة، لبنان الحر والسيد المستقل”.

اضاف: “أيها الحضور الكريم، بسم الله الذي خلق البشر جميعا ودعاهم للعيش كإخوة لينشروا قيم الخير والمحبة والسلام، سلام على مئوية الشراكة والأخوة، فرب السلام نفسه يعطيكم السلام.

وتابع: “من صرح المحبة نطلق نداء السماء للأرض ونجدد العهد والوعد بدور المملكة العربية السعودية بنشر ثقافة السلام ومد جسور الوسطية والاعتدال وتعزيز سبل التعايش وحفظ كرامة الإنسان. ولأننا دعاة سلم وسلام، فإن مستقبلنا في هذا الشرق هو السلام، بعيدا كل البعد عن التعصب والطائفية والتطرف أيا كان مصدره وذريعته. ويطيب لي أن نستذكر معا ما قاله البابا فرنسيس في “يوم الصلاة من أجل لبنان”: “إن لبنان هو مشروع سلام رسالته هي أن يكون أرض تسامح وتعددية وواحة أخوة تلتقي فيها الأديان والطوائف المختلفة”. ولذلك، وانطلاقا من مرجعية بكركي التاريخية وأهمية الدور الوطني والجامع لغبطة الكاردينال الراعي نوصي بالمحافظة على التنوع والعيش المشترك الذي أرسى أسسه إتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي”.

وقال: “أيها الحفل الكريم، من هذه الشرفة نأمل من الأفرقاء السياسيين أن يغلبوا المصلحة اللبنانية العليا لمواجهة التحديات التي يعيشها لبنان، ومن بينها محاولة البعض العبث بالعلاقة الوثيقة بين لبنان وعمقه العربي وإدخاله في محاور أخرى تتنافى مع مقدمة الدستور اللبناني والتي تنص وبوضوح تام، على أن “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء حيث لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”. لا شرعية لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة، لا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي”.

اضاف: “كما أود هنا اقتباس قول للشيخ العلامة محمد مهدي شمس الدين، رحمه الله، حينما جسد أمثولة المكون العربي بقوله: “في منطقتنا العربية ـ الإسلامية، لا توجد أقليات مسلمة ولا توجد أقليات مسيحية، بل توجد أكثريتان كبيرتان، إحداهما هي الأكثرية العربية التي تضم مسلمين وغير مسلمين، والأخرى هي الأكثرية المسلمة التي تضم عربا وغير عرب”. فلا شرعية لمفهوم الأقلية أمام هوية مسيحية – إسلامية عربية جامعة.

وتابع: “يا شهود لبنان الرسالة، يشكل العمق العربي ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تعزيز الانتماء لهوية ثقافية معاصرة ترسم آفاق المستقبل أمام “عولمة العروبة” التي تتسع للجميع وتزخر بقبول الآخر والتفاعل والتكامل معه. وانطلاقا من رمزية المناسبة والمكان تجدد المملكة اليوم الشراكة والأخوة تحت مظلة عروبية جامعة ركائزها الاعتدال، الحوار، المحبة والسلام. كما تؤكد المملكة أنها لا تسمح بالمساس بالهوية الوطنية اللبنانية ولا المساس بنسيج العروبة تحت أي ذريعة كانت، فالمسيحي كما المسلم مكون أساسي ومكون وازن في هذه الهوية المشرقية العربية الأصيلة”.

وختم بخاري كلامه: “صاحب الغبطة، إجتمعنا اليوم في هذا الصرح العريق للاحتفاء بالذكرى المئوية لعلاقة الصداقة القائمة المستمرة والمتجددة بين المملكة العربية السعودية – والبطريركية المارونية وبالتعاضد مع الشعب اللبناني الشقيق. إن الشاهد اليوم وحامل راية المئوية حضرة الأباتي الجليل أنطوان ضو والذي كلفه صاحب الغبطة بالقيام بعمل توثيقي جاد لصلات ووشائج المملكة مع بكركي، وبمعاونة الدكتور نوفل ضو أمكن إصدار هذا الحدث الشيق الجليل. فشكرا لكم يا صاحب الغبطة على الكلمة النيرة، والإرادة الطيبة، وشكرا لك أيها الأباتي الجليل وشكرا لكل من أسهم وشارك بالحضور اليوم. وكما بدأنا بالسلام لكم نختتم بالسلام عليكم. إن الله يدعو إلى دار السلام، فطوبى لصانعي السلام. عشتم وعاش لبنان وطنا للسلام والاستقرار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

الراعي
ثم القى راعي الاحتفال البطريرك الراعي الكلمة الآتية:

“1. يسعد هذا الكرسي البطريركي أن يحتضن إحتفال الإطلاق الرسمي لكتاب: “علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية” الذي ألفه مشكورا عزيزنا الأباتي أنطوان ضو الأنطوني، في أعقاب زيارتي الرسمية إلى المملكة بدعوة كريمة منها في 13 تشرين الأول 2017. وقد تشرفت بلقاء خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ولمست في هذه الزيارة حبهما للبنان وفي الوقت عينه حزنهما الشديد على الحالة من التقهقر التي وصل إليها، والمتناقضة مع مقدرة اللبنانيين الخلاقة. فللأباتي أنطوان كل التقدير لما بذل من جهود لتحقيق هذا الكتاب التاريخي القيم.

وإني أعرب عن شكري لقدس الرئيس العام الأباتي مارون أبو جوده على الدعوة إلى هذا الإحتفال. فيسعدني أن أحييه، وأحييكم جميعا أيها الحاضرون، فحضوركم المميز والرفيع والوطني لدليل على أن لبنان يجمعنا، وأن المملكة العربية السعودية تبقى في رباط الصداقة مع البطريركية المارونية ولبنان. وكم نأمل بأن يكون هذا اللقاء الجامع نداء قلبيا إلى لقاء وطني شامل يؤدي إلى إنقاذ لبنان. فتتألف الحكومة، وتجري الإنتخابات النيابية والرئاسية في موعدها الدستوري، ونسلك طريق الخلاص.

أتناول في كلمتي ثلاث نقاط: المملكة ولبنان، البطريركية والمملكة، المملكة واللبنانيين، فالخاتمة.

أولا: المملكة ولبنان
2. لقد أثبتت العقود أن المملكة العربية السعودية فهمت معنى وجود لبنان وقيمته في قلب العالم العربي، ولم تسع يوما إلى تحميله وزرا أو صراعا أو نزاعا، لا بل كانت تهب لتحييده وضمان سيادته واستقلاله. من ينسى قول الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود: “لبنان قطعة منا، وأنا أحمي استقلاله بنفسي، ولا أسمح لأية يد أن تمتد إليه”. ومن ينسى وعد الملك عبد العزيز بن سعود في 12 نيسان 1953: “سأدافع عن استقلال لبنان كما أدافع عن استقلال مملكتي”. ومن ينسى وساطات المملكة السعودية طوال الحرب على لبنان. ومن ينسى رعاية المملكة مؤتمر الطائف (1989) الذي نتجت عنه وثيقة الوفاق الوطني التي فهمناها امتدادا للميثاق الوطني. ولا ننسى خصوصا أن المملكة العربية السعودية كانت أول دولة عربية تعترف باستقلال لبنان سنة 1943. وعلى أساس من هذه العهود والوعود تعاطت المملكة السعودية مع لبنان، واحترمت خيار اللبنانيين وهويتهم وتعدديتهم ونظامهم وتقاليدهم ونمط حياتهم.

3. في الواقع لم تعتد السعودية على سيادة لبنان ولم تنتهك استقلاله. لم تستبح حدوده ولم تورطه في حروب. لم تعطل ديمقراطيته ولم تتجاهل دولته. كانت السعودية تؤيد لبنان في المحافل العربية والدولية، تقدم له المساعدات المالية، وتستثمر في مشاريع نهضته الاقتصادية والعمرانية. كانت ترعى المصالحات والحلول، وكانت تستقبل اللبنانيين، وتوفر لهم الإقامة وفرص العمل.

ثانيا: البطريركية والمملكة
4. علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية تتخطى الاعتبارات التي تتحكم بعلاقة دولة بدولة. فالسعودية بالنسبة لهذا الصرح هي السعودية. نحبها كما هي. ولا ننظر إليها من خلال خياراتها السياسية ومواقفها القومية وعلاقاتها العربية والدولية. علاقتنا بها تتخطى المحاور إلى محور جامع هو الشراكة المسيحية/الإسلامية. فأحد بواعث خيار الكرسي الماروني للبنان الكبير بغناه التعددي هو أن يكون امتدادا لمحيطه من دون أن يكون نسخة عنه أو يذوب فيه. فهذا تاريخنا ونهجنا، وهذا وعدنا للبنانيين وللسعودية والعرب والعالم، وهذا وعد المملكة للبنان.

5. إن كتاب الأباتي أنطوان ضو التاريخي في جوهره، يحاكي في طياته المستقبل. فالعلاقات بين المملكة والبطريركية هي استشراف دائم للآتي من الأزمنة بما تحمل من أخوة وتضامن واحترام. وأهمية التضامن أن يتجلى في الصعوبات. تحمل المملكة السعودية تراث دين وشعب، وتكتنز البطريركية المارونية تراث شعب ناضل من أجل الله ولبنان. فعلى قرع الأجراس ولحن الآذان يسير لبنان في هذا الشرق أخا للعرب ومناصرا للحق. والأحداث والصور في الكتاب تحكي عن رفعة العلاقات بين البطريركية المارونية والمملكة السعودية. هكذا ندرك مدى محورية دوري المملكة السعودية والبطريركية المارونية في لبنان والمشرق والعالم العربي.

ثالثا: المملكة واللبنانيين
6. إن عرى الصداقة بين البطريركية المارونية والمملكة العربية السعودية متنت أكثر فأكثر عرى الصداقة والتعاون بين المملكة ولبنان. فإذا كانت المملكة افتتحت أول قنصلية لها في لبنان سنة 1930، فالشعبان افتتحا الصداقة بينهما قبل مئة عام لئلا نعود إلى سالف التاريخ القديم. كان اللبنانيون أوائل الذين سافروا إلى المملكة وساهموا في مشاريع الإعمار والتصنيع والإنماء والسياحة والتعليم. ولعب وجهاؤهم، بناء لطلب ملوكها، دورا مميزا في تنظيم الإدارة وتوطيد علاقات المملكة مع الشرق والغرب. ولقد أخلص هؤلاء اللبنانيون هناك للمملكة وبادلوها الوفاء. وفيما لم تميز المملكة بين لبناني وآخر، كنا نستشعر احتضانها المسيحيين العاملين في أراضيها. والحق يقال إن أبناءنا حين يهاجرون، فللعمل لا للسياسة، وللدخل لا للتدخل؛ وهم رسل لبنان لا رسل دولة أخرى، أو مشروع آخر. وهنا أتوجه إلى كل لبناني يعيش في المملكة أو يعمل فيها أن يحب شعبها ويحترم قيادتها ويلتزم قوانينها وتقاليدها ويحفظ أمنها. فمن لا يكون مستقيما في الدولة التي تحتضنه لا يكون أمينا للوطن الذي أنجبه.

الخاتمة
7. كم نتمنى أن تستعيد العلاقات اللبنانية-السعودية عفويتها وتقاليدها السابقة حين كان قادة المملكة يزورون ربوع لبنان ويلاقون الترحيب الشعبي العظيم أينما حلوا. يومها كان عندنا دولة واحدة وآمنة. يكفي أن نرى الصور في كتاب الأباتي أنطوان ضو لنشاهد بأي حرارة كان اللبنانيون من كل الطوائف يستقبلون قادة المملكة وأمراءها ويحتشدون للترحيب بهم لدى تجوالهم في مختلف المناطق اللبنانية فبكركي والديمان. وكان كبار أمراء آل سعود لا يكتفون بزيارات للمقرات الرسمية، بل كانوا يزورون أيضا البيوتات اللبنانية، المسيحية والمسلمة، حرصا على تأكيد خصوصية هذه العلاقة ودفئها.

مع السعودية بدت العروبة انفتاحا واعتدالا ولقاء، واحترام خصوصيات كل دولة وشعب وجماعة، والتزام مفهوم السيادة والاستقلال. مع السعودية برزت العروبة عاطفة سجية لا مشروعا عقائديا يتحدى المشاعر الوطنية والخصوصيات الحضارية ويختزل القوميات والهويات. مع السعودية احتجب البعد الجغرافي أمام جيرة العقل والقلب.
عشتم! عاش لبنان! عاشت المملكة العربية السعودية!”.

وفي ختام الاحتفال قدم الآباتي ضو والزميل ضو النسخة الأولى من الكتاب للبطريرك الراعي والسفير بخاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى