إقتصاد

تهافت لبناني على الذهب وبنوك مركزية في العالم تتسابق لتكديس السبائك!

يأخذ سعر الذهب منحى تصاعديًّا، ويشهد تزايدًا في الطلب على المستوى العالمي، ارتفعت وتيرته بعد أزمة البنوك الأميركية. المعدن الأصفر تخطّى حاجز الـ 2000 دولار للأونصة، ويقترب من أعلى مستوياته التاريخية التي حقّقها عام 2020 عند بلوغه مستوى 2073 $. في لبنان أيضًا، يشهد السوق المحلي إقبالًا كبيرًا على شراء الذهب غير المشغول، هذا الطلب ارتفع بشكل لافت في الأسابيع القليلة الماضية، بحسب ما أكّد نقيب تجار الذهب والمجوهرات نعيم رزق في حديث لـ “لبنان 24” واصفًا ما يحصل بـ “الهجمة القوية” إلى حدّ أنّ طلبات الزبائن لشراء الإونصات لا يمكن تلبيتها في اليوم نفسه، بل تتطلب حوالى ثلاثة أيام، علمًا أنّها كانت تؤمّن فورًا، قبل هذه الفترة.

ما الذي يحصل محليّا وعالميًا؟ ولماذا هذا الإقبال الكبير على المعدن الأصفر؟

تتهافت الدول لزيادة احتياطاتها من الذهب، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي حصلت عملياتُ شراء ضخمة من قبل البنوك المركزية خلال عام 2022، رفعت الطلب على الذهب إلى أعلى مستوى له في 11 عامًا، بحيث اشترت البنوك المركزيّة 1136 طنًا من الذهب العام الماضي، وهو أعلى مستوى سُجّل في 55 عاماً. مثّلت مشتريات الصين 5.4 بالمئة منها، إذ أنّ بنك الشعب الصيني كان أكبر المشترين، وقد واصل حيازاته من الذهب، ليبلغ إجمالي الاحتياطي حوالي 2,068 طنًا. دول عديدة أخرى عمدت إلى إضافة الذهب إلى احتياطاتها، منها روسيا التي كشفت مؤخّرًا أنّها اشترت 31 طنًا من الذهب بين شباط 2022 وآذار 2023.

طلب كبير في لبنان والنصيب الأكبر للمغتربين
في لبنان يتعزّز منحى التوجه نحو الذهب في ظل الثقة المفقودة بالقطاع المصرفي، يقول النقيب رزق لطالما كان هناك طلب على شراء الذهب في لبنان “لكن وتيرة الطلب ارتفعت خلال عام 2022 بشكل كبير، واستمرت بزخم أكبر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وتصاعدت كثيرًا في الأسبوعين الأخيرين، لدرجة أنّ السوق يبقى متعطّشًا ويتجاوز حجم المخزون المحلي. ونظرًا لزيادة الطلب ارتفع مستوى العمولة قليلًا على الذهب غير المشغول”. أنّ الإقبال يتركّز على شراء الليرات والأونصات “فسعرها يكاد يكون بمتناول معظم الزبائن، (الأونصة بحدود 2040 $ والليرة حوالي 460$) كما أنّها تحافظ على قيمتها ولا تخسر عند بيعها، وتحقّق أرباحًا بظل ارتفاع السعر”. يضيف رزق أنّ الطلب يأتي من مقيمين ومغتربين، وأنّ إقبال المغتربين ارتفع بعد أزمة البنوك الأميركية والبنك السويسري “إذ يتواصل هؤلاء مع ذويهم لاستبدال العملات الورقية التي بحوزتهم من ليرة ودولار ويورو بالمعدن الأصفر، بهدف المحافظة على قيمة أموالهم، وخوفًا من تكرار واقعة إفلاس البنوك”.

تواصلنا مع عدد من تجّار المجوهرات، فأكّدوا لنا أنّ بيع الذهب غير المصاغ سجّل ارتفاعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، فيما تراجع الطلب على الذهب المُصاغ. أحد القيّمين على واحد من أشهر محال بيع المجوهرات في العاصمة بيروت علّق على الحركة الناشطة قائلًا “كل يوم تردني اتصالات من زبائن أعرفهم وآخرين لا أعرفهم، يطلبون شراء أونصات وسبائك، لدرجة أنّ المستوردين يعجزون أحيانًا عن تلبية حاجة السوق”. يضيف موضحًا، أنّ التوجه لشراء الذهب ليس جديدًا في لبنان، بحيث شهد السوق ارتفاعًا في الطلب منذ أزمة المصارف، حينها عمدت الناس إلى تهريب ودائعها وشراء الذهب “لكن هذه الحركة زادت بشكل كبير في الأشهر والأسابيع الماضية، خصوصًا بعد إفلاس بعض المصارف الأميركية والمصرف السويسري Credit Suisse ، من الواضح أنّ الناس تفضّل أن تستبدل الكاش المخزّن في بيوتها بالذهب”.

عن إمكانية زيادة كميات الذهب المستوردة في لبنان، أوضح رزق أنّ الأمر محكوم بالسوق العالمي الذي يشهد بدوره ارتفاعًا في الطلب، وينطلق رزق من تقرير مجلس الذهب العالمي، الذي كشف عن شراء البنوك المركزية للذهب بأعلى وتيرة منذ 55 عامًا، ومن ارتفاع الطلب على شراء الذهب من قبل المستهلكين والمستثمرين على صعيد دول العالم، ليشير إلى أنّ السعر سيصل إلى مستويات لم نشهدها من قبل، في حال استمر الطلب بهذه الوتيرة. “أمّا في حال تُرجمت الإتفاقات الدوليّة، لا سيّما الإتفاق السعودي -الصيني -الإيراني، لجهة كسر احتكار الدولار في التبادلات التجارية، عندها ستقفز أسعار الذهب إلى مستويات كبيرة غير مسبوقة”.

ترقب لسعر الفائدة في الفدرالي

عالميًّا، المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، ومعدلات التضخم المرتفعة تدفع المستثمرين نحو المعدن الأصفر كملاذ آمن. لبنانيًا تشهد محال المجوهرات على ظاهرة استبدال عدد من اللبنانيين العملة الخضراء بالعملة الذهبية رغم سعرها المرتفع، هو خيار صائب خاطىء أم صائب؟
الجواب رهن جملة عوامل من شأنها أن ترفع الطلب على الذهب او تخفضه، لعلّ أبرزها قرار مجلس الاحتياط الفدرالي حيال سعر الفائدة، لجهة الإبقاء على رفع سعرها، أو البدء في تخفيضها عن المعدلات الحالية للتقليل من المخاطر المصرفيّة، في الحالة الأولى ستنخفض أسعار الذهب، وترتفع في الحالة الثانية. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى، منها ما هو مرتبط بمسار الحرب الروسية الأوكرانية، ومنها مشبوك بنتائج الإتفاقات الدوليّة وانعكاسها على الدولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى