سياسة

من فلسطين إلى عفرين* .. *إحتلال و مستعمرات و تهجير*

عندما نتكلم ونكتب عن قضية محقة و شعب مشرد و مظلوم اول ما يخطر في البال فوراً هي القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، بحيث عندما سيطر الإحتلال الصهيوني على الأراضي الفلسطينية بدأ يتوجه إلى المناطق الغنية والمناطق التي هي ذات قيمة تاريخية ويعمل على تهجير سكانها الأصليين واستبدالهم بإستقدام يهود من بلاد أوروبية و روسيا وغيرها إضافة إلى نهب خيرات الأرض و تملكها مما جعل التغيير الديمغرافي واضح و جلي في مناطق وبلدات فلسطين، وكذلك لجأ المحتل إلى بناء مستعمرات تحت مسميات مناطق أمنية أو حزام امني وهي في الحقيقة مناطق حيوية تحتوي على مساحات زراعية كبيرة و مصدر للمياه الجوفية .

لن نطيل الشرح عن فلسطين وقضيتها الشريفة التي أصبحت مترسخة في أذهان العالم ، و لكن اليوم ونحن نشهد إحتلال و بناء مستعمرات وإقتلاع شعب بأكمله من أرضه وتشربده وإحضار شعوب أخرى مكانه تستولي على ممتلكاته و أرضه و مزروعاته، أليس هذا الشعب بحاجة إلى كل التضامن وجعل قضيته في واجهة الأحداث ؟
إن ما يتعرض له الشعب الكردي في عفرين و محيطها ” شمال سوريا” الموجود اساسا في تلك المنطقة منذ أكثر من ألفي عام يصغر عظيم ما يصنعه الصهاينة بالشعب الفلسطيني في جنين والضفة أمام ما تصنعه الجماعات المسلحة بالعائلات الكردية وأصغر من صغير مما تصنعه الجماعات “المتأسلمة” المعروفة” بالصعاليك “الذين يتسترون بإسم الإسلام والإسلام منهم براء وخاصة بعدما إرتدت العديد من العائلات بسبب ممارسة هذه الجماعات من أعمال تخريب و خطف وقتل واعتداء على السكان وخاصة على النساء ونهب الخيرات من زيتون وغيره وقطع الأشجار من مساحات شاسعة و بيعها حطب ، حيث قالت عجوز كردية : هؤلاء ليسوا مسلمين لأن الإسلام ليس هكذا .
إن ما يجري وما تفعله الجماعات المسلحة من اقتلاع الشعب الكردي من عفرين الكردية تاريخيا وبشكل ممنهج واستبدالهم بشعوب وجماعات أخرى وذلك بإستقدام عائلات ومجموعات فلسطينية وسورية من غير مناطق و عربية لتحل مكانهم وتسكن بيوتهم وتستولي على خيرات مناطقهم إضافة إلى بناء مستعمرات في الأراضي الزراعية الخصبة والغنية كل هذه الأفعال بدأت تظهر نتائجها من تغيير ديمغرافي بعد ترحيل الجزء الأكبر من الأكراد.
وهذا المشهد هو النسخة الأصلية عما يفعله الصهاينة في فلسطين المحتلة، والتي أنتجت في منطقة الشرق الأوسط حالة احتلال جديدة هي “عفرين المحتلة” التي يجب العمل لها والتضامن معها.
من وثائق مؤكدة ومشاهدات عرض موجز وجزء بسيط من أعمال الإضطهاد بحق الأكراد في عفرين ومحيطها على يد الجماعات المسلحة :اختطاف أكثر من ثمانية الاف 8000 شخص مدني ما زال مصير اغلبهم مجهول ،قتل 800 مدني اعتداءً وظلماً، خطف حوالي 1000امراة ومئات الإعتداءات الجنسية ، نزوح وهروب 60% من السكان بحيث أصبحت اغلب القرى خالية خوفا من بطش المسلحين الممنهج، احتلال أكثر من 1200 بين منزل و محلات تجارية واراضي زراعية في عفرين وجبل الأكراد وبرصايا ، وكذلك التمييز العنصري والعرقي في ايصال المساعدات او الإنقاذ بعد الزلزال الذي احدث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات في شباط 2023 ،بالإضافة إلى هذه الجرائم المذبحة التي ارتكبها المسلحون عشية عيد النوروز 2023 بإعتبارهم و عقيدتهم ان النوروز عيد وثني والمحتفلين به كفار .
إذا نظرنا بتمعن إلى خارطة ما يحصل من انتهاكات بحق الشعب الكردي وأرضه وأملاكه، نتأكد بأن هذه الجماعات المسلحة التي تمارس هذه الإنتهاكات ليسوا إلا واجهة وأدوات لمشروع ذو بعد تاريخي تخوفاً من المستقبل ومن أن يسترجع الأكراد حقهم التاريخي ، وهذا أنتج في الشرق الاوسط قضية أخرى محقة هي عفرين المحتلة التي هي جزء من القضية الكردية الكبرى .

د.جميل ضاهر
بيروت 17/آب/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى