عبد اللطيف افيوني قدوةً في نظافة الكف وحسن الإدارة وسمو الأخلاق
ندوة الدراسات الإنمائية خسرت الأمين المالي السابق الدكتور عبد اللطيف افيوني الذي كان ركنا من أركانها الذي هو على درجة كبيرة من الأخلاق الحميدة والعلم والفكر والثقافة والأدب”.
كان الفقيد يحمل في قلبه وعقله ووجدانه القضايا الإنمائية والوطنية وأمينا عليها ووفيا ومخلصا لرفيق دربه المفكر الراحل الدكتور حسن صعب، ونشهد له بالعمل الدؤوب والسعي الدائم في خدمة الإنسان كل إنسان وكل إنسان.
“ندوة الدراسات الإنمائية”
لبنان مختبر روحي إنساني
لا نريده أن يصبح متحفاً للرواسب الطائفية
ونحن ندعو الى إنماء لبنان وتحديثه وتطويره
فإننا لا نرى هذا التطوير يتنافى مع القيم الروحية والاخلاقية
ندوة الدراسات الإنمائية التي تأسست سنة 1964، وضمت، الى الآن، نخبة خيرة من المواطنين اللبنانيين من جميع الطوائف والمناطق من رجال الفكر والعلم والاختصاص، قطعت شوطاً كبيراً في محاولاتها الجادة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء المتنازعين، وذلك في سبيل تحقيق توافق وطني في ظل لبنان جديد في مشروع ميثاق قدمته الى مختلف المراجع الرسمية والحزبية لقى ترحيباً.
وهذا المشروع اعتبر الجامع الوطني المشترك بين جميع الفعاليات.
فهو يقوم على ديموقراطية حقيقية يتساوى فيها جميع اللبنانيين في التضحيات والمسؤوليات والحقوق والواجبات.
تأسست ندوة الدراسات الإنمائية عام 1964 بمبادرة من المفكر الراحل الدكتور حسن صعب ومجموعة من اصدقاءه امثال فقيدنا الراحل الدكتور عبد اللطيف افيوني، في سبيل اشاعة التوعية الإنمائية بين المواطنين اللبنانيين الموجودين سواء منهم في القطاع العام او القطاع الخاص، وذلك لأن انماء لبنان، اي تطويره من دولة نامية الى دولة متقدمة يستدعي المشاركة الخلاقة من قبل جميع المواطنين، ويتطلب تكامل القطاعين العام والخاص في وضع السياسة الانمائية وتنفيذها. وتتابع الندوة منذ انشائها حتى الآن جهودها في سبيل الغاية التي استهدفتها معتمدة بذلك تنظيم المؤتمرات والحلقات الانمائية والعلمية اللبنانية والعربية والدولية. وتنشر نتائج مؤتمراتها وحلقاتها في كتب. كان اولها كتاب المفاهيم الحديثة للانماء في لبنان، وسلسلة كتب أصدرتها في ثمانية اجزاء حول استراتيجية الثورة العلمية التكنولوجية العربية.
وتقوم الندوة، بالاضافة الى ذلك، بالاشتراك في المؤتمرات الانمائية والعربية والدولية وبالمنظمات الانمائية العربية والدولية والتعاون معها بوحي التزامها المبدئي بانماء الانسان كل الانسان، وكل إنسان. وان وجود الندوة كما هو عليه من حيث أنها تضم نخبة خيرة من المواطنين اللبنانيين من جميع الطوائف والمناطق والالتزامات الايديولوجية المتنوعة، الذين يلتزمون بالتعاون الوثيق والفعال في سبيل انماء لبنان وفي سبيل انماء العرب وفي سبيل إنماء الإنسان، ان هذا الوجود بحد ذاته الذي استمر واتسع بالرغم من كل ما عصف بلبنان من أحداث هو، في حد ذاته، انموذج حي لما يمكن وما يجب أن يكون عليه التوافق الوطني في لبنان.
فقد اشتركت الندوة اول الامر عام 1975 مع نقابة الصحافة وعلى رأسها الاستاذ رياض طه، فألفت لجنة للحوار الوطني تشكلت من أهل العلم والاعلام، ونظمت حلقات حوار بين ممثلي مختلف الفعاليات السياسية من جميع الفرقاء المعنيين بالازمة اللبنانية خلصت منها الى برنامج عمل وطني اعتبر الجامع الوطني المشترك بين جميع هذه الفعاليات وعرض هذا البرنامج فور اقراره على رؤساء الاحزاب المعنية فلقي ترحيباً من قبل الجميع.
كان لي الشرف والحظ انني عملت تحت اشرافه في ندوة الدراسات الانمائية فكان القدوة في التعامل والتواضع صاحب الفكر العميق والعقل الراجح وكان المثل الأعلى لنا جميعا كلنا خسرناه.
انسان مثقف عقلاني منطقي.
في جلسات النقاش معه في الأمور الاجتماعية والسياسية فكان يحسن الاستماع ويتواضع للكبير والصغير ثم يبسط افكاره ليستفيد منه الجميع وكان مرجعا في آرائه السديدة وحكمته الواسعة.
وكان الراحلين الدكتور حسن صعب والدكتور عبد اللطيف افيوني من ذلك الرعيل الاول والمميز الذي خدم الوطن باخلاص وبنى دولة الانسان والمؤسسات.
كما لم ينقطع الدكتور عبد اللطيف أفيوني يوما عن طرابلس وعن التواصل مع أهلها الذي تعرفه المدينة بمجتمعها وعائلاتها وموظفيها وأساتذتها الذين قدم لهم خدمات جلّى من خلال وجوده على رأس تعاونية موظقي الدولة، فضلا عن خوضه نضالات الى جانب الرئيس الشهيد رشيد كرامي والرئيس الراحل عمر كرامي، ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي الى تكريمه في دارته في ميناء طرابلس في آذار من العام 2014، حيث قلده وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك رشيد درباس وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط.
من هنا فإن طرابلس لم تغب عن إهتماماته.
اما الاستاذ أنور ضو فيقول عن الراحل الدكتور عبد اللطيف افيوني ما يلي : “في موسم موت القيم ، كم محزنٌ أن يموت حاملوها يائسين . محزنٌ غياب الزميل والصديق عبد اللطيف أفيوني المدير العام الأسبق لتعاونية موظفي الدولة ، الذي استلهمتُ من سيرته وإنجازاته الكثير خلال عملي في التعاونية. يكفي أنه وضع نظام الاستشفاء وجنّب الموظّفين الوقوف على أبواب المستشفيات وتكبّد المبالغ الطائلة ليعودوا فيحصّلوا قسماً منها من التعاونية، بعد حينٍ يطوّل أو يقصر حسب توافر الأموال . ويكفي أنه دفع من صحته وكاد يدفع حياته عندما تعرّض لعملية خطف من مكتبه في التعاونية ،حيث أصرّ على المداومة فيه رغم انقسام البلد وسيطرة الغرائز والعصبيات.
عبد اللطيف أفيوني ، الإداري الصارم ، النظيف الكف ، وصاحب الفضل الكبير على الإدارة اللبنانية وعلى جميع موظفي الدولة ، الرحمة لروحه والعزاء لزوجته المربية الفاضلة آمال رعد وأنجاله الكرام وعلى رأسهم معالي الوزير السابق الأستاذ عادل أفيوني، وكل الأهل والأقرباء .
وإنّا للّه وإنّا إليه راجعون .
محمد ع.درويش
مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث
رئيسة التحرير : لينا قاروط