سياسة

لبنان في انتظار التسويات ……..

بدأ الأسبوع بدعوة صارخة تحت عنوان أسبوع الغضب، على أن يعم كل لبنان، والحجة مواجهة الأزمة الاجتماعية، والانهيار الاقتصادي، والغلاء، وتفلت الدولار، ترافق مع كلام عن وقائع غير مستحبة في الجيش من فرار عسكريين وضباط، نفاها قائد الجيش العماد جوزيف عون لكنه أكد على اسبابها، وهي واقع العسكريين المزري في الجيش اللبناني، انعكاسا للأزمة الاقتصادية، وموازيا بين واقع جيشه والواقع المرير الذي يعاني منه المواطن.

حملة الغضب أوحت بأن البلد سائر نحو انفجار كبير تعرف بدايته ولا تعرف نهايته. لكن الحقيقة أنه اقتصر على قطع الطرق بشكل واسع، في مختلف المناطق، خصوصا في اليوم الأول، لكنه لم يتعد بضع مئات من المشاركين في مختلف المناطق. ذلك أن قطع الطرق سهر ويحتاج لأنفار قليلة لتنفيذه، في ظل وعد من القوى الأمنية اللبنانية المختلفة على عدم التصدي للمحتجين أصحاب الحراك.

حجم المشاركة في التحركات كان رمزيا مقارنة مع ستة ملايين مواطن في لبنان يعانون أسوأ الأزمات التي مرت بهم. بضع مئات من الأشخاص لا يمثلون مجتمعا مهما كان حجمه صغيرا. بمعنى ان أصحاب الحراك أصيبوا بنكسة عندما لم يتجاوب مع دعوتهم شرائح واسعة من الجمهور اللبناني.

وإذا شئنا المقارنة بالمواقع التي جرت التحركات وقطع الطرق فيها، أدركنا ان جلها وقعت في مناطق التحالف اليميني، وحليفه تيار المستقبل، وبعض مجموعات موظفة للغاية هنا وهناك. وبنتيجة التحركات، يمكن القول أن اليمين المسيحي خسر هذه الجولة وظهر هزيلا، وغير قادر على جذب الشارع حوله

حجم المشاركة في التحركات كان رمزيا مقارنة مع ستة ملايين مواطن في لبنان يعانون أسوأ الأزمات التي مرت بهم. بضع مئات من الأشخاص لا يمثلون مجتمعا مهما كان حجمه صغيرا. بمعنى ان أصحاب الحراك أصيبوا بنكسة عندما لم يتجاوب مع دعوتهم شرائح واسعة من الجمهور اللبناني.

وإذا شئنا المقارنة بالمواقع التي جرت التحركات وقطع الطرق فيها، أدركنا ان جلها وقعت في مناطق التحالف اليميني، وحليفه تيار المستقبل، وبعض مجموعات موظفة للغاية هنا وهناك. وبنتيجة التحركات، يمكن القول أن اليمين المسيحي خسر هذه الجولة وظهر هزيلا، وغير قادر على جذب الشارع حوله.

اعتقد هذا الشارع أن ارتفاع سعر الصرف، وتجاوز الدولار عتبة ال عشرة آلاف ستكون فرصة لاستعادة المبادرة. لكن المجموعات المدنية لم تستجب للدعوة، ولم تتحرك الجماهير الشعبية.

لا يعني ذلك انتهاء الأزمة، ولا تطويقها. إنما تندرج الجولة في سياق جولات طالما أن الأزمة لا تزال مفتوحة، ومستمرة، وعميقة، المحاولات ستتكرر، ستجدد، وإن بأشكال مختلفة، فالحراك المتعدد والمبعثر سيستمر وعلى وتيرة اقل، و بمواكبة مع حملات التهويل، والتخويف، والتضليل دون القدرة على تغير الوقائع.

ان التسويف والمماطلة بتشكيل الحكومة مرتبط بوضع المنطقة، واستقرار الإقليم، وما يجري اليوم من محاولات سعودية، وروسية، وسورية لعودة الاكراد إلى دمشق، ما هي إلا إحدى المؤشرات الجدية لترميم العلاقات العربية العربية، تضاف إلى مسعى اماراتي- مصري ضمن الإطار عينه.

صحيح أن التفاهم الإيراني- الاميركي هو أحد السبل لاستقرار الإقليم، ودلالة إثمار الحوار في بداياته ما يجري بين الاميركي والإيراني من حوارات أفضت إلى تحرير الاصول المالية المجمدة في كوريا الجنوبية، والعراق، وعمان وتقدر ب ٣ مليار دولار، وما ذلك إلا تأكيد على الحوار الدائر بينهما.

والاعتقاد السائد اليوم ان التطور العسكري اليمني باتجاة السعودية هو إحدى وسائل الضغط الأميركية لتدجين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل القبول بالتسوية، ووقف إطلاق نار شامل، وفك الحصار عن اليمن، مما يمكن أن يدفع بالسعودية إلى مراجعة شاملة، ومنها ترميم العلاقة مع سوريا عبر محاولات مصر، والإمارات، وبرعاية روسيا والتي قطعت أشواطا كبيرة في عودة سوريا للعب دور إقليمي في العالم العربي والإقليم.

إن التموضعات، والاصطفافات الجارية من مختلف الأطراف، بعد دخول الولايات المتحدة على خط العالم باستراتيجية متغيرة عن مرحلة دونالد ترامب، تحتاج إلى وقت، مما يجعل الساحة اللبنانية الحساسة لمختلف التطورات الاقليمية تاريخيا، قلقة، وعرضة إلى مزيد من الاستنزاف والانهيار، لكن دون الانزلاق إلى فوضى، بأنتظار التسويات الكبرى، واستقرار الإقليم الذي يشكل حاجة ملحة إلى تشكيل حكومة إنقاذ موضعية ضرورة ملحة بانتظار الفرج الأكبر

ولكن لغاية الآن، الظروف غير متوافرة للتشكيل، وهو ما زال مستبعدا، لذلك قد نشهد مزيدا من التحركات الشعبية، وعودة إلى الساحات، وخاصة من قبل بعض القوى التي تدور في الفلك السعودي- الإماراتي بهدف تحسين شروطها.

الواضح أن التحالف القوي بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، من جهة، و”حزب الله” وحركة “أمل”، من جهة ثانية، بالإضافة إلى التنسيق الفعلي والجسدي بين الحزب، والجيش، أمور تجعل كل المحاولات الرامية إلى إسقاط السلطة- وتحديدا العهد- غير مجدية.

إننا في مرحلة انتظار ومراوحة قد تطول أو تقصر، وخلالها سيدفع لبنان المزيد من المتاعب والأثمان

رئيسة التحرير : لينا قاروط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى