بهاء الحريري : سأعلن عن مشروعي قبل نهاية العام
اثارت عودة بهاء الحريري إلى المشهد السياسي في لبنان الكثير من التساؤلات عن مشروعه السياسي في أسوأ ظرف يمر به لبنان منذ نشأته، فالنجل الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يظهر على الساحة السياسية منذ اغتيال والده قبل أكثر من 15 عاماً، حضر اسمه بقوة بعد انتفاضة 17 تشرين، مؤيداً شعار «كلن يعني كلن» احتجاجا على الطبقة السياسية ومنظومة حزب الله وأمراء الحرب الذين أوصلوا البلاد إلى الكارثة. عُرف بهاء بمواقفه المتشددة تجاه حزب الله، واليوم يعلن انه لن يتراجع عن مطلب تسليم سلاح الحزب إلى الدولة، وبأنه من المستحيل استمرار هيمنة الحزب على الداخل اللبناني، مؤكداً أن سياسات هذا الحزب تسببت بعزل لبنان عن محيطه العربي، والخليجي تحديداً، «ولن نحصل على قرش واحد ما لم يتم حل مسألة حزب الله».
يؤيد بهاء الحريري طرح البطريرك بشارة الراعي لمبدأ الحياد «فسياسة المحاور هي التي أدت إلى انهيار لبنان»، مع ضرورة الارتباط بأفضل العلاقات مع الدول العربية، لا سيما الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي يتواصل معها. يكشف الشيخ بهاء بأنه ليس متعجلاً لإطلاق مشروعه «لأن تربيته في السعودية علمته الصبر والتروي»، لكنه سيعلنه للبنانيين قبل نهاية العام، مؤكداً أن موضوع رئاسة الوزراء غير وارد إطلاقا، لكنه لا يمكن أن يرى حجم التنازلات التي تقدمها القيادات السنية ويمر عليها مرور الكرام منذ الحلف الرباعي إلى انتخاب مرشح حزب الله ميشال عون رئيساً، مروراً بتثبيت ثلاثية «جيش شعب مقاومة»..
وهدفه، والفريق الكبير الذي يعمل معه، تأمين الوظائف للشباب اللبناني.
15 عاما فصلت بين تعرف اللبنانيين للمرة الأولى على الشيخ بهاء الحريري، في تشييع والده الشهيد رفيق الحريري في 2005، وحضوره مجددا على الساحة السياسية من باب انتفاضة 17 تشرين الأول (اكتوبر) في لبنان ضد الطبقة السياسية الفاسدة التي تتحكم بمصيره وجرت عليه الكوارث. وعودة الحريري تثير الكثير من التساؤلات عن مشروعه السياسي في أسوأ ظرف يمر به لبنان منذ نشأته، وفي لحظة انكفاء «الطائفة السنية» نتيجة مسار متماد من التنازلات من اتفاق الدوحة الى التسليم بثلاثية جيش وشعب ومقاومة، وفق الحريري. مرّ اسم رجل الاعمال الناجح بصورة خاطفة في المشهد السياسي اللبناني، اثناء تقديم سعد الحريري استقالته في السعودية. ورغم غيابه لسنوات عن المشهد السياسي وانصرافه الى إدارة اعماله الا ان سياسته المتشددة تجاه حزب الله دفع بالبعض للاعتقاد ان الابن البكر لرفيق الحريري سيكون البديل الجاهز للمرحلة، لكنه عاد الى الاختفاء مجددا. حضر اسم بهاء الحريري بقوة بعد انتفاضة 17 تشرين، مؤيدا ما يقوم به «شبابُنا و شاباتُنا وأهلنا» احتجاجا على الطبقة السياسية. يقدم الحريري نفسه كأحد قادة الثورة، متماهيا مع مطالبها، بل متقدما عليها.
رافعا شعار «كلن يعني كلن»، اعلنها حربا على المنظومة السياسية التي يمثلها تحالف امراء الحرب مع حزب الله. وهو يرى أن المعضلة الأبرز التي تعترض كل المبادرات الانقاذية للبنان، وتحديدا المبادرة الفرنسية، هي قصورها عن التطرق الى المعضلة الاساسية: سلاح حزب الله.
يتكتم الحريري على تفاصيل مشروعه السياسي الذي يمكن استشفاف عناوينه من مواقفه التي تندرج تحت عنوان متابعة مسيرة رفيق الحريري، من إعلان تأييده لمشروع الحياد الذي اطلقه البطريرك الماروني الى دعوته لأفضل العلاقات مع الدول الخليجية. ولا يبدو الحريري متعجلاً لاطلاق مشروعه لكنه سيعلنه للبنانيين كما قال قبل نهاية العام «لأن تربيته في السعودية علمته الصبر والتروي».
وفي ما يلي تفاصيل حوار الحريري :
● ننطلق من السؤال الذي يهم الكثير من اللبنانيين: ما هو مشروع الشيخ بهاء الحريري في لبنان؟ ولماذا قررت بعد سنوات طويلة دخول المعترك السياسي؟
– طيلة حياتي لم تكن لدي الرغبة في دخول المعترك السياسي، والسنوات برهنت على هذا الشيء، حيث انني، ومنذ اغتيال والدي الشهيد رفيق الحريري قبل اكثر من 15 عاما، لم اتدخل في العمل السياسي، ولكن عندما نرى الاوضاع التي وصل اليها بلدنا يصبح الموضوع يتعلق بضمير الانسان، لأن بلدنا اليوم داخل الكارثة وليس، كما يقول البعض، يتجه الى الكارثة. انهيار اقتصادي ومالي، وفاجعة بيروت الأخيرة تقدم دليلاً واضحا على أن هناك طاقما يحكم اليوم، هو عبارة عن تحالف حزب الله وزعماء الحرب، لا نية لديهم لمعالجة الوضع، ولا يمكن ان ترى بلدا تحبه وتتعلق به ولا تتدخل، هذا موضوع ضمير. لذلك كان قراري انني وفريق العمل يجب ان نتدخل لمواجهة هذا الانهيار، فأنا اليوم ابن الـ54 عاماً لا اريد ان يصبح عمري 74 عاما واقول اننا لم نعمل شيئا، يجب ان نحاول، وما نستطيع ان نقوم به لمصلحة لبنان سنقوم به.
● قلت إنك ستعلن قريباً الطريقة التي ستخدم فيها الحياة العامة، كيف ستطبق مشروعك السياسي؟ وهل لديك نية لتأسيس حزب أو تيار سياسي وخوض الانتخابات البرلمانية؟
– المنطق السياسي في لبنان دائما يتبع الشخص او ماذا يريد الزعيم؟ لكن الموضوع اليوم اكبر من اي شخص، وهو يتعلّق بمصير البلد، نحن لا نفكر بأنفسنا كفريق، وكما تعلمت من والدي نعمل كفريق عمل وهناك 10 الاف موظف معي ضمن هذا الفريق الذي اسخره لخدمة لبنان. موضوع رئاسة الوزراء غير وارد اطلاقا، انا احب ان اؤمن الوظائف لأبناء وطني كما قام والدي بتعليم عشرات الآلاف، ونحن استثمرنا مالا كثيرا في لبنان في وقت كان الجميع يبحث عن السبيل لتحصيل الاموال في لبنان.
نعم، هناك نية للعمل السياسي، ولكنني كما تعلمت من خلال تربيتي في المملكة العربية السعودية على عدم الاستعجال «ففي العجلة الندامة وفي التروي السلامة» هناك اعلان سيحصل بإذن الله ولكن هذا الموضوع يحتاج الى التروي. ونحن بصدارة المعارضة في لبنان، ونحن اول من طالبنا بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، واول من تحدث عن ضرورة تطبيق القرار 1559، وكفريق عمل نعتبر انفسنا في صدارة المعارضة ونؤيد فصل الطائفية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وهذه المطالب تتناقض كليا مع المنظومة الموجودة والتي يمثلها حزب الله وزعماء الحرب. لم نسمع في التاريخ ان زعماء الحرب بنوا دولا، وقد اثبتوا ان مصالحهم فوق اي اعتبار، خصوصا في الـ 15 سنة الأخيرة، فقد ترك لهم رفيق الحريري جوهرة.. ماذا فعلوا بها؟ لقد دمروها بشكل كامل.
● هل يمكن ان تحدد موعدا للإعلان عن المشروع السياسي للشيخ بهاء الحريري؟
– لن اتحدث عن موعد محدد ولن اقول بعد شهر او اسبوع، ولكن سأعلن عن المشروع قبل نهاية العام بإذن الله.
● دائماً ما تهاجم حزب الله وتصفه بالتنظيم الإرهابي، هل ترى أن التوازنات الداخلية تسمح بهذا الخطاب؟
– يجب ان ندرك ان القرار ليس بيد حزب الله وانما بيد ايران، وعلى الايراني ان ينظر الى وضع حزب الله الذي كان قبل اشهر يسيطر بشكل كامل على المعادلة الداخلية. اما اليوم، فعلى الصعيد السني هناك مشكلة كبيرة مع الحزب، وعلى الصعيد المسيحي الامر ذاته، ودرزيا ايضا، وهناك تململ اقتصادي داخل البيئة الشيعية، وعلى من يجلس في طهران وينظر الى الفريق الذي يتبع له في لبنان ان يرى ان السلبيات اكثر من الايجابيات. يتحدثون عن الانتخابات الاميركية، هذه الانتخابات ستنتهي بعد 45 يوماً، وبعدها على الايراني ان يدرك ان هناك قرارات صعبة بخصوص حزب الله الذي كان يمسك بمفاصل الحياة في لبنان ولكن اليوم سقط سياسيا.
● هل يمكن ان تتفاوض مع حزب الله؟
– في 2004 كان الشهيد رفيق الحريري على ابواب ان ينهي الموضوع المتعلّق بتسليم سلاح الحزب لانه لم يتبق من سلاح الميليشيات الا سلاح حزب الله، ولكن تم اغتيال الرئيس الشهيد وحدث بعدها الكثير من الاخطاء السياسية وعلى الاخص التحالف الرباعي، الذي امن الحماية لهذا السلاح، ومن ثم تحول هذا التحالف الى خماسي وهو اسوأ، واليوم انا اعتبر انه يجب ايجاد طريقة للقول لحزب الله ان سلاحك غير شرعي ويجب ان يسلم الى الحكم الشرعي، ولن نتراجع عن هذا المطلب. شرعية السلاح يجب ان تكون للمؤسسات الامنية التابعة للدولة فقط وهذا الموضوع لا يوجد فيه ابيض واسود، هناك معادلات اقليمية وانتخابات اميركية، وارى انه من المستحيل ان تستمر هيمنة حزب الله على لبنان كما حاصل الآن. وفي النهاية، يجب إيجاد طريقة لحل هذا الأمر.
● كيف تنظرون إلى طرح البطريرك الراعي حول حياد لبنان الناشط؟
– نحن نؤمن بقيادة البطريرك لموضوع الحياد ونؤيد هذا الطرح بكل قوة، لبنان دخل في المحاور وهذا ما ادى الى الانهيار، لان البلد تعرض خلال هذه السنوات الى تجاذبات خارجية واقليمية. لبنان لا يتحمل البقاء داخل المحاور. نؤمن بموضوع الحياد ولكن طبعا، اخواننا العرب هذا البيت بيتهم ومرحب بهم، وهناك تاريخ بيننا وبينهم، ومن الضروري تعزيز وتحصين العلاقة مع اخواننا العرب والخليجيين.
● تحدثت في مناسبات عدة عن أن القيادات السنية تنازلت عن صلاحيات رئاسة الحكومة، من برأيك القادر على وقف مسلسل التنازلات هذا؟
– نحن نعمل لكل البلد وبكل طوائفه، ولكن هذه النقطة تتعلّق بكوني من الطائفة السنية، ولا نستطيع أن نشاهد كل هذه التنازلات التي حصلت آخر 15 سنة ونمر عليها مرور الكرام. استسلمنا في الدوحة (الثلث المعطل) وفي التحالف الرباعي، واستسلمنا بموضوع جيش وشعب ومقاومة، وبانتخاب رئيس مرشح من قبل حزب الله وهو ميشال عون، أين كنا من 15 سنة، نحن لا نتحدث بالمعنى السني الطائفي، ولكن كما يقول المطران إلياس عودة «لا تستطيع ان تطغى على الطائفة المسيحية لأنك تمسك بالسلاح»، نحن نقول الأمر ذاته بالنسبة للطائفة السنية. أنا لا أتحدث هنا من منطلق طائفي ولكن من منطلق وطني، نحن نؤيد فصل الطائفة من السلطات التنفيذية والتشريعية، ونؤيد إلغاء الطائفية وتأسيس مجلس الشيوخ كما ورد في اتفاق الطائف. لكن التنازلات التي تحصل لا نستطيع القول انها لم تحصل.
● كيف تنظرون إلى المبادرة الفرنسية، خصوصاً ان البعض يعتبرها بمنزلة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان؟
– بالنسبة لي المبادرة الفرنسية، وطريقة تعيين مصطفى أديب، تدل على اننا عدنا الى المربع الأول حيث تم اختيار الاسم من قبل الأربعة (رؤساء الحكومة السابقين) ثم ذهبوا لأخذ الرضا من قبل الخليلين (حسين خليل وعلي حسن خليل). اذا المنظومة نفسها عينت هذا الشخص وبنفس ما كان يحصل سابقاً. بالنسبة لي لا نستطيع أن نتحدث عن الاقتصاد قبل الاجابة على الأسئلة الأساسية المتعلّقة بالأسباب التي وضعت لبنان في عزلة شاملة عن إخواننا العرب. اليوم هناك حزب الله تسبب بعزل لبنان عن محيطه العربي الطبيعي، وهناك من يأتي ويقول تعالوا وادفعوا لنا الأموال وادعمونا، أنا برأيي لن نحصل على قرش واحد ما لم يتم حل هذه المسألة. والسؤال الأهم: أين الدولة؟ وأين الأجهزة الأمنية والقضاء؟ موضوع سلاح حزب الله وترتيب البيت الداخلي هما الأساس. أتمنى الخير للمبادرة الفرنسية، ولكن الأولوية يجب ان تكون معالجة ملف سلاح حزب الله وبناء الدولة، يتحدثون عن برامج إصلاحية لجلب الأموال، ولكنهم لا يتطرقون إلى موضوع السلاح والأمن.
● كيف تنظر إلى شعار «كلن يعني كلن» الذي رفعه المنتفضون في الشارع؟ ولماذا أعلنت دعمك لانتفاضة 17 أكتوبر؟
– 15 سنة لم نتدخل بالسياسة وحافظنا على مسيرة رفيق الحريري، لكن بالنسبة لي موضوع الفساد والسرقات ونهب المال العام من المحرمات، ومن هنا تأييدي لشعار «كلن يعني كلن». والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، هذا الموضوع لا يمكن اللعب والمسايرة فيه. نتمنى ان تولد ثورة 17 أكتوبر قيادات، ونشجع هذا الأمر، ولكن من الواضح ان الشعب اللبناني بطلاق كامل مع منظومة الفساد. وبالنسبة لي أنا زاهد، لا أريد سلطة ولا أريد المال، ولكني أريد مع فريقي مصلحة البلد وإنقاذه ومتابعة مسيرة رفيق الحريري.
● ما هي الأطراف اللبنانية التي يمكن أن يتحالف معها بهاء الحريري؟
– كل من يريد بناء وطن، وفصل الطائفية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكل من يريد قضاء نزيها ودولة حقيقية وإعلاماً نزيهاً، وقانون انتخاب عادلاً ولامركزية إدارية، هو حليف لنا ومن أي طائفة أو مذهب، لكن الحلف الرباعي والخماسي بالنسبة لي من المحرمات.
● كيف تقيّمون علاقتكم مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج؟
– نريد ونشدد على العلاقة المميزة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وأود ان أشكر القيادة السعودية على احتضانها لمئات آلاف اللبنانين والمساعدات التي تقدمها وقدمتها سابقاً، وهذا ينطبق على دول الخليج. والشهيد رفيق الحريري أوصاني بالعلاقة مع المملكة ودول الخليج، نحن نؤمن بالحياد، ولكن إخواننا العرب يبقون إخواننا، ونريد علاقة متينة مع دول الخليج. نحن على تواصل مع المملكة وكلما كانت العلاقة أفضل مع السعودية، كان ذلك من مصلحة لبنان.
والدي أرسلني إلى السعودية لأتعلَّم الصبر
يروي الشيخ بهاء الحريري ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري قرر ان يرسله الى السعودية، وعندما سأله عن السبب، أجابه: سأجيب عن سؤالك لاحقاً.
وبعد سنتين قال لي الشهيد: تريد ان تعرف لماذا ارسلتك؟ فأجبته: «أنا سأقول لك لماذا؟» لكي أتعلم الصبر.
مشروعي لحل الأزمة الاقتصادية خلْق وظائف للشباب اللبناني
وعن مقاربته لحل الأزمات الاقتصادية في لبنان قال بهاء الحريري : مشروعنا في لبنان عبر خلق الوظائف للشباب اللبناني، انا اتكلم كرجل اعمال وهذه خطط قابلة للتطبيق.
وفي لبنان 4 مقومات أساسية يجب الاستفادة منها لخلق فرص عمل هي:
1- القطاع المصرفي، وهذا يتطلب أولاً إعادة تأهيله.
2- السياحة، فقد كان لبنان المصيف لإخواننا الخليجيين، وهذا موضوع مهم وضروري.
3- المنتجات الغذائية، فالبضاعة اللبنانية ممتازة، ولكن هناك مشكلة في تعليبها، وإذا استطعنا أن نقوم بطريقة تعليب سليمة، فهذا موضوع ضخم ويؤمن وظائف مستدامة.
4- التعليم عبر جعْل لبنان مركزاً تعليمياً للمنطقة، وهذا سيؤمن عدداً كبيراً وضخماً من الوظائف.