تنعم 109 بلدات في البقاع الغربي وراشيا والنبطية وجزين والشوف يومياً بتغذية تبلغ 20 ساعة من أصل 24 ساعة.
وإذا كان استيراد المحروقات يتطلب امتلاك العملة الصعبة التي شحّت، فإنّ الطاقة البديلة متوافرة مجّاناً. تجربة معامل الطاقة الكهرومائية التي تمتلكها وتستثمرها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تطرح نفسها اليوم كنموذج بيئي غير ملوّث ويوفّر الطاقة في أصعب الظروف وهو نموذج يمكنه الاعتماد على موارده الخاصة لصيانة معدّاته، فالوفر الذي حققته معامل الليطاني على الخزينة العامة خلال عامي 2019 و2020 قد بلغ أكثر من 159 مليون دولار أميركي.
أحدث المعامل هو معمل عين الزرقاء الذي أُنشئ عام 2019 وجُهّز بأربع مجموعات صغيرة بقدرة إجمالية 4.8 ميغاوات، وهو جزء من مشروع “القناة 800” لريّ لبنان الجنوبي.تتمتع المعامل المذكورة بقدرة إنتاج إجمالية قدرها 196.8 ميغاوات، وأكّد رئيس مجلس إدارة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية أنّ “الوضع الفني لهذه المعامل ممتاز جدّاً وتعمل وفقاً للمعايير التقنية العالمية لجهة الصيانة المسبقة والطارئة ولجهة شروط التشغيل، وهي تجدد وفقاً للحاجة بالتعاون مع شركة كهرباء فرنسا”. لذلك تمكنت المعامل من انتاج 760 مليون كيلوات ساعة في العام 2019، و838 مليون كيلوات ساعة في العام 2020، وأنتجت خلال هذا العام حتى نهاية شهر حزيران 236 مليون كيلوات ساعة.الأرقام المذكورة تختلف كل سنة لأنّها مرتبطة بعوامل عديدة منها كمية الأمطار التي تهطل سنوياً، والمياه الوافدة إلى بحيرة القرعون. ووفق المعلومات، فإنّ إنتاج معامل الليطاني يقدّر بنحو 10 في المئة من الإنتاج على الشبكة العامة في السنوات الغنية بالأمطار ونسبة 3 في المئة في السنوات الجافة.
وشرح علوية أنّ “الطاقة تُباع إلى مؤسسة الكهرباء بسعر 60 ليرة لبنانية للكيلوات في حين انتاج الكيلوات ساعة من مصادر أخرى يكلّف الخزينة العامة أكثر من 10 سنتات من الدولار الأميركي (أي ما يعادل 1900 ليرة للدولار)”. لذلك فإنّ الوفر الذي حققته معامل الليطاني على الخزينة العامة خلال عامي 2019 و2020 بلغ أكثر من 159 مليون دولار أميركي.
أمام هذه المعطيات، اعتبر الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت مارك أيوب أنّ “تجربة مصلحة الليطاني في إنتاج الطاقة الكهرومائية مهمة جدّاً كونها استفادت من كهرباء فرنسا EDF ولديها طاقم مدرّب يتمتّع بخبرة طويلة كونه مشروعاً قديم العهد”. بالنسبة لأيوب، “مشروع الليطاني ذو فعالية كبيرة ويؤمّن الكهرباء عن طريق استخدام طاقة المياه”، لذلك شدد على أنّه “يترتب على لبنان وضع رؤية شاملة تحدد الأنهار والسدود التي يمكن من خلالها توليد الطاقة، وبشكل خاص الأماكن التي تشهد تدفّقاً قوياً وانسياباً كبيراً للمياه”، موضحاً أنّه “يجب إمداد محطات التكرير التي تقع إلى جانب الأنهر والسدود بالكهرباء عبر استخدم انسياب المياه لتوليد الطاقة”. وأكّد على أهمية استخدام الطاقة الشمسية والهوائية بالقرب من السدود والأنهر.
في السنوات المطرية العادية يبلغ معدل إنتاج المعامل التابعة لمصلحة نهر الليطاني نحو 500 مليون كيلوات ساعة أي توفّر على الخزينة العامة ما يزيد عن خمسين مليون دولار سنوياً. أنشأت المصلحة بالإضافة إلى المعامل الإنتاجية الأربعة 3 محطات نقل توتر عالي 66 ك.ف.
وشرح علوية أنّ “مؤسسة كهرباء لبنان تقوم من خلالها بنقل ما يقارب 250MVA من الطاقة بين محطاتها في الجمهور وبيت الدين وصيدا وجب جنين ومرجعيون ومناطق لبنانية أخرى، وذلك دون أن تتكبد المؤسسة أي كلفة تأسيس أو صيانة أو تشغيل لأنّ هذه الكلفة تقدمها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني”.
وقارن تقرير شاركه علوية معنا بين معامل الطاقة الكهرومائية التي تخضع لنظام الامتياز أو التي تدار بواسطة مؤسسة كهرباء لبنان أو تتبع لمؤسسة مياه بيروت التي أهملتها الجهات المعنية، “ما تسبب بإهدار أكثر من 85 ميغاوات”.
وفي هذا الإطار، قال علوية أنّ “معامل قاديشا الأربعة التي كانت تخضع لنظام الامتياز وأصبحت عائدة لمؤسسة كهرباء لبنان وقدرتها الانتاجية 21 ميغاوات، تعمل حالياً بقدرتها الدنيا بسبب عدم تجديدها”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ معامل امتياز نهر ابراهيم التي تعاني من الترهل وبحاجة للتجديد تبلغ قدرتها الأسمية 33 ميغاوات وتعمل بنصف قدرتها.
وشدد علوية على أنّه “في حال تأهيل هذه المعامل وفقاً للمعايير التقنية العالمية فإنّه بالإمكان مضاعفة إنتاجها وزيادة جهوزيتها على الشبكة العامة”.
يُعرف لبنان بغزارة مياهه وبإمكانية الإستفادة من الطاقة الشمسية فيه، لكن لم تقم الحكومات المتعاقبة على مدى عقود بالاستثمار في هذه المجالات على نحو يوفّر الطاقة من المصادر البيئية، ويحدّ من التلوث وتبعية لبنان التي أوصلته إلى العتمة .