الازمات التي تمر على لبنان وكيفية اعادة لبنان من جديد ….

يمرّ لبنان والمنطقة بزلازل مدمّرة تطال الإنسان والمجتمع والدّولة. وتعصف بنا حروب قاسية تحاول أن تقتلعنا وتقضي على وجودنا. حروبٌ تغذّيها إسرائيل ودول كبرى، عن طريق شركات العولمة بهدف السّيطرة علينا، والسّطو على مدّخراتنا، من نفط وغاز ومعادن على أنواعها. وقد استخدموا لذلك الحروب الطائفيّة، والمذهبيّة، والأيدولوجيّات القاتلة، لتحقيق أهدافهم… وفاتهم أنّ الشّعوب الكنعانيّة-الأراميّة ومنذ تكوينها، لم ترضَ بالموتِ، وآثرت الخلود وتحدّت الأقدار. وأنّ روايات أدونيس وعشتروت وطائر الفنيق، ليست سوى التجبُّر الهادف إلى تجديد الحياة مع كل ربيع، ومع انتفاضة الطّائر ليخرج من الرّماد…وذلك من أَجل مجابهة مُعضِلة القهر والموت والخضوع.
ونحن اليوم، نذهب إلى أولئك الأبطال لنتلمّس طريقهم في مجابهة محاولة التّفتيت والتّقسيم والإفناء. ولنقف مع القادة الدّهريين في أوطاننا، أمثال فخامة الرئيس جوزف عون ودولة الرئيس نبيه برّي، لنعود ونبني بلداننا على أسس العلم والحريّة. لقد سالت شلّالات الدم بقوّة، وإنساننا الذي لم تحميه حكوماتنا، ذهب إلى الماوراء ليشحذ منه القوّة وليدافع عن أرضه وعرضه، وانتصر بعد أن ضحّى بدمه وبحياته وبقي الوطن.
وقدرنا بعد هذه الملاحم أن نقف ونستيقظ ونخطّ طريق بناء الدولة على أسس عصريّة، هذه أهمّها:
1- الحريّة والعلم:
هما عماد التطوّر الإجتماعي والدولي في عالمنا المعاصر.
– وتعني الحريّة، التحرّر من الجهل والتخلّف عن طريق المعرفة والثقافة، والتبعيّة عن طريق بناء الإقتصاد الوطني الذي يرسّخ الإستقلال.
– والعلم الناتج عن التطوّر الحاصل في عالمنا المعاصر وبخاصة الذكاء الإصطناعي، يرسم لنا الطريق لتطوير بلداننا في الإقتصاد والمال والزّراعة والسّياحة والإستثمارات والخدمات.
2- إدخال العلم بالإقتصاد:
لقد أدخلت الولايات المتحدة العلم بالإقتصاد منذ 1907، على أيدي وليم جايمس وبيرس والفلاسفة البرغماتيّين. فأتت جامعاتهم وبمعظمها خاصة وتابعة للشركات الصناعيّة، وهادفة لتأمين الأرباح من الإستثمارات والخدمات. وقد أدّى، إدخال العلم بالإقتصاد، إلى بروز أكثر من 153 شركة معولمة في النّصف الثّاني من القرن العشرين تقوم باستعمار العالم حالياً وتفرض سياستها على معظم دول العالم.
أمّا أوروبا، فكان العلم يهدف عندها إلى “الضرورة والحق”، فأتت الجامعات بمعظمها تابعة للدول، وبالتالي تخلّفت عن اللّحاق بتلك الشركات الأميركيّة… فما كان من بريطانيا في نهاية القرن العشرين سوى فرض سياسة تربويّة جديدة على أوروبا تدعى نظام L.M.D. ويطبّقها 27 دولة. وهذا النظام يدخل العلم بالإقتصاد وقد أدّى إلى خلق شركات كبرى أوروبيّة تنافس شركات العولمة في أميركا وبذلك يصبح التوازن قائماً بين تلك الشركات.
3- استراتيجية شركات العولمة :
تعمل هذه الشركات على تعميم الفساد في العالم، وفي معظم الدّول، من أجل إضعافها والإطاحة بالقوانين والهدف السّطو على مدّخراتها إن بالسياسة أو بالقوّة العسكريّة. ولتحقيق غاياتها تعمل تلك الشركات على تنصيب الفاسدين في دول العالم من أجل استغلالهم وسرقة أوطانهم.
4- المطلوب قيام نهضة علميّة في وزارة التربية وفي التّعليم العالي:
على الدولة اللّبنانيّة أن تغيّر البرامج التعليميّة القائمة على التلقين والذي يُبطئ التطوّر الصّناعي والزّراعي والسّياحي… واستبداله بالأبحاث والإبتكارات إنطلاقاً من ثانوياتنا وجامعاتنا، عن طريق إقامة مراكز بحثيّة تخدم الإنتاج الوطني والقومي. وبالتّالي إنشاء شركات وطنيّة تقودنا إلى الإستقلال الإقتصادي والتجاري قدر الإمكان من أجل أن نبني وطناً قوياً على أسس علميّة رائدة لا يسقط أمام الأعاصير.
5- بناء دولة القانون:
على أسس عادلة ومتمشيّة مع التطوّر العلمي الحاصل وذلك في وزارات الدولة جميعاً. وبالتّالي إجراء المحاسبة في الدولة الصنميّة والمسؤولة عن الإنهيار المالي وعن ودائع المودعين.
كما علينا التنبّه من “النيوليبراليّة”، التي تعتمد على الفوضى الخلّاقة من أجل تحقيق أهدافها في السّطو عن طريق الخصخصة وتعمل على تملّك المرافق العامّة في الدولة من قبل بعض الجهات المشبوهة: إنّها وسيلة ناجحة لوضع اليد على البلد.
6- تأمين الكهرباء: للإستقرار الصّناعي والسّياحي والزّراعي.
7- تحصين وتطوّر المرافق العامة:
وبخاصة المرفا والمطار والنافعة والكازينو وسائر مؤسّسات الدولة.
8- المحاسبة ومحاربة مافيات النفط والغاز ومصانع الترابة والكهرباء.
9- تجديد وزارة المال والمصرف المركزي والمصارف وأماكن الصيرفة:
شفافيّة في استخدام المال العام في جميع وزارات الدولة.
10- إنصاف المرأة ومساواتها بالرجل.
11- بناء المواطنة الحقيقيّة المفضية إلى الدّولة المدنيّة.
12- تحقيق العدالة الإجتماعيّة.
13- بناء اللّامركزيّة الإداريّة.
14- الخصخصة الوطنيّة.
15- بناء الإقتصاد المعرفي: فالبرمجة تدخل ملياري دولار في السنة.
16- بناء الجيش: العمود الفقري لبناء الوطن عل أسس عصريّة: طيران حربي ودفاعات جويّة متطوّرة ووسائل إتصال حديثة.
17- عدم الجمع بين الأعمال الخاصّة والنيابة والوزارة.
وأخيراً بالإرادة نُحقّق بناء الدولة اللّبنانيّة رغم الصّعاب التي تعترض مسيرة الإرتقاء والنّشوء.
أ.د. ريمون غوش