يا أهل بلدتي الحبيبة لماذا كل مشاكلنا تنتهي بالموت الذي لا ينتهي مع القتل؟
إبن الدوير// جهاد أيوب
إلى قريتي ضيعتي بلدتي الدوير …
إلى كل من يشعر بأن عليه واجب أن تبقى الدوير مشرقة بأهلها كل أهلها…
وحتى لا يموت شبابنا هكذا…ماذا يحدث في بلدتنا، وكل مشاكلنا بطلها الموت، كل خصامات أهلنا يتربع القتل فيها، كل شرارات شبابنا يجاهر السلاح فيها ليخطف أرواح شبابنا؟
هذه الأيقونة الدوير التي صبرت على ظلم الزمان والدولة والأيام، وطبيعة الأرض، والمزروعة بالعمل تؤكد يومياً أن العلم لا يصنع الثقافة، ولا يفرض التواصل الاجتماعي، وأن كثافة سكانها ليس مفخرة في ظل تقاتلنا معاً!
ما حدث سابقاً من خصامات تافهة على أمور أتفه كلها اوصلتنا إلى القتل!
لن نذكر بما حدث، ولكن الكثير من شبابنا تحت التراب لأسباب مخجلة!!
ما من مشكلة وقعت بين شبابنا عائلاتنا إلا والتقاتل والسلاح زين خطف الأرواح؟!
لماذا أصبحنا نشبه شريعة الغاب في شجاراتنا ؟!
لماذا لا تحل مشاكلنا إلا بالطريق إلى الموت؟!
لماذا في كل فترة نخسر زينة شبابنا لأتفه الأسباب؟!
لماذا مشاريعنا تعاقبنا بالموت؟!
لماذا لم نتعلم من دين محمد التسامح والحوار حتى لا نخسر الأعمار؟!
لماذا نحتفل بثورة الإمام الحسين، ولا نستطيع أن نتحمل هفوة فنسارع بانفعال إلى الموت؟!
لماذا كل ما فينا، وعندنا يحل فيما بيننا بالسلاح والقضاء على خيرة أعمارنا؟!
لمإذا المتعلم فينا وبيننا وما أكثر المتألمين من المتعلمين في ضيعتنا لا نجدهم يلعبون أدوارهم في لم الشمل، والنتيجة أن أصغر مشاكلنا التي تتكالب علينا لا تحل من قبل المتعلمين؟!
لماذا يهجر المتعلم أهله، ويعتزل جيرانه، وهمه زيارة قصيرة دون أن يشارك في زرع الإضافة بين أناسه؟!
لماذا كلما خرج من يرغب بالإصلاح، والخدمات الاجتماعية نحاربه كأننا ننتمي إلى أعداء الوجود؟!
لماذا كل هذا الحقد على ذواتنا، وهذه البغضاء ونفتخر بشهاداتنا العلمية، ونحن لا نتحمل كلمة من بعضنا؟!
أين ديننا حيث ميزانه التشاور والعقلانية؟!
أين أهل الراية والصبر والانفتاح؟!
أين المؤمن الذي يتمنى الخير لأهله، ويضع نقاط الالتقاء قبل نقاط التفرقة والتخاصم؟!
أين من وصل إلى مراتب الدنيا من إصلاح ذات البين؟! أين المتعلم الذي كبر إسمه، ويُحرج من خدمة أهله حفاظاً على البراستيج الأحمق؟!
أين إمام البلدة، ورجالات البلدة، وعلماء البلدة، وأهل الصفاء في البلدة وكل من حولنا يحسدوننا على ما نحن عليه، والنتيجة كل علاقاتنا الحمقاء توصل إلى الموت؟!
أين كل هؤلاء من هذه العلل التي توقعنا بالموت بالقتل بالتصرف خارج شريعة الله؟!
نعم لا كبير في ضيعتنا، ولا عقلاء يعملون على تثقيف الشباب إلى ثورة حب التأخي، وزيارة بعضنا، والتواصل الاجتماعي، والتلاقي…نعم سيغضب بعضهم من كلامي المحق، ولكن النتيجة قتل شبابنا؟!
شبابنا…من أشرس شباب المقاومة ضد المشاريع الصهيونية…
لدينا أشرف الشهداء… زينا تاريخنا بعنفوانهم، وكبرياء بطولاتهم، ناضلوا، وزرعوا عزة في جهادهم…
سيرة بطولات شبابنا ضد إسرائيل نتفاخر بها، وهم من أعاد الأرض إلى الوطن…
وشبابنا في سوريا رسموا أمجاد مناصرة المظلوم، عانقوا المجد بإخلاص… وإسألوا السفارات ماذا كتبت عن بطولات شباب الدوير!
إسألول الأعمار كيف تُغرد مع أكفان شهداء الدوير الأحياء كلما لاحت راية النصر!
شباب الدوير زينوا فكر المقاومة برسائل قدمت الروح على مذبح الوجود فلماذا داخل البلدة يفشلون؟!
سؤال وجب طرحه علناً حتى لا نخسر في كل شجار المزيد من الأعمار، ومن الأحباب!
بكل بساطة فشلنا لآن أحزابنا كلها فشلت، من تعلم فينا فشل، رجال الدين فينا فشلوا، كبارنا فشلوا، مجالسنا فشلت، حبنا للإمام الحسين فشل، عشقنا للإمام علي فشل، الصلاة خلف رسالة النبي الأكرم فشلنا في التعلم منها!
فشلنا لأننا أحببنا غيرنا على دويرنا، ولم نرسم صورنا على تراب بلدتنا التي هجرناها إلى علم لم يفيدها، ولم يحضن تاجها بالشموخ!
نعم تعلمنا كي ندعي التعلم، توظفنا كي نقفل أبواب منازلنا وألإنسان فينا، تفلسفنا كي ندعي المعرفة، تأنقنا كي نكسب المال، ولا ندري ماذا يحدث في بلدتنا وأهلها!
هنا لا نجلد الذات أبداً، ولكن السؤال أصبح أكبر من أعمارنا، لماذا مشاكل شبابنا أهلنا عائلاتنا توصل إلى القتل، إلى الموت الماجن، إلى بيع أعمارنا دون هدف ونحن نحلم بالغد؟!
نعم لدينا متعلمين كثر ولا يوجد مثقفين!!!
المثقف هو موروث إنساني يفتح نوافذ التواصل والمحبة والعطاء وخدمات الناس، ولا يسمح بوضع العصي أمام من يعمل حتى لو لم يكن من ذات العائلة، ولا يصاب بمرض الغرور على أهله…!
علينا إعادة النظر بمشاكلنا من خلال مصالح البلدة وأهلها لا مصلحة عائلية ضيقة!!
علينا قبل كل شيئ أن نعترف أن هنالك هوة في بلدتنا، وهوة كبيرة بين أهلها بكل المستويات، وهذه الهوة تشكل الخلل الإنساني الذي يوصلنا إلى حل مشاكلنا بالقتل حتى الموت!!
علينا أن نعترف انه لا كبار في بلدتنا يجمعون، يتواصلون، يحلون أصعب، وأكبر، وأصغر مشاكلنا، وإلا لماذا حارة كل مين يده له؟!
علينا الاعتزاز بشبابنا المنتج المقاوم المدافع خارج البلدة، ولكنه لم ينجح في البلدة، ولم نوفق في أن نكرمه، ويتكرم بانجازاتنا في أن نؤمن له التواصل الاجتماعي الصح!!
علينا وضوح الرؤية أن شبابنا يحتاج إلى من يدعمه، ياخذ بيده، ويصاحبه، ويصافحه، والدليل ما حققه من نجاحات فرادة ومع المقاومة!!
علينا الإعتراف أن لدينا الكثير من المتعلمين والمتفوقين، ولا يوجد لدينا مثقفين وثقافة، الثقافة هي مفتاح حلولنا!!
علينا تشريع التواصل بين كل شباب البلدة لا أن نغلق الأبواب بحجة الفهم الزائد، والغرور، والفم عنا هو الجاهل!!
علينا النزول إلى الشباب، ودعوتهم ليرسموا معنا الوجود من خلال المصارحة، ومناقشة مشاكلهم، والمشاركة في التعمال الخدماتي!!
علينا أن نكف عن انتقاد من يعمل، والاجتماع الدوري لمناقشة مشاريع البلدة!
علينا عدم إلغاء بعضنا حتى لا يتراكم الحقد المميت كما حالنا اليوم!!
علينا أن نزرع ثقافة أهل بيت النبوة من خلال مجالس مفتوحة للحوار وليس للأحزاب والبكاء!!
علينا أن نكثر من لقاءات مثقفة في الشعر والرواية والقصة والإعلام والفن والتشكيل والسينما والمسرح…هذه تجمع الشباب، لا بل تجعلنا نخاطب الشباب خارج الجلوس على طرقات البلدة لشرب الاركيلة !!
علينا بفتح صالوناتنا للحوار، للنقاشات المثمرة، للشعر، المثقف!!
علينا بناء جسور الثقافة الإنسانية عبر النزول إلى عالم الشباب بتواضع خارج حزبيتنا والعائلية المقسمة فينا!!
علينا إنشاء دورات ومسابقات وورش مفتوحة منتجة في الرياضة والشعر والفنون والفكر والدين والعلم!!
علينا فرض على المدارس الموجودة في البلدة وما اكثرها ساعات ندوات حصص نخاطب فيها الطلاب بمختلف المراحل والاعمار عن المحبة، والتسامح، والتعرف على العمل الجماعي!!
علينا أن لا نستخف بما عند الشباب من قدرات حتى لو لم يصل إلى مراتب في العلم، والعلم من خلال المتعلمين في بلدتنا لم ينجح للأسف، وأصبحنا معه وبفضله نعيش مع المتألمين، لآنه علم من دون ثقافة تجمع!!
علينا التفاخر بإنجازات شبابنا من مثقفين، ومتعلمين متفوقين…(أيعقل شبابنا لا يعرف تاريخ بلدتنا، ولا عن علماء البلدة؟!)!!
كلامي هذا ليس حقداً بل حباً من أجل أن تكون بلدتي منارة، وبداية على طريق شمس الإنسان…مصلحة بلدتي أهم من مصلحتي الشخصية، والواجب أن نقول: “أين الدوير مني؟”…واللهم إني بلغت.