أخبار إجتماعية

“أبجدية النصر” بين قيمة الطرح وصرخة النصر الشهادة وأخطاء في المسرح ! ……

بقلم// جهاد أيوب

بمجرد التفكير أن العمل الفني بكل أنواعه هو قوة في المساهمة بدور المقاومة، أو رسالة مراد منها الشراكة في المعركة يعني أن من قرر ووافق يدرك أهمية الفن وروافده وخطورة عدم استخدامه، وخطورة استخدامه بغير مكانه، والأخطر تركنا نتلقاه من العدو، وهكذا عمل بحد ذاته فاتحة خير يعول عليه، وإذا كانت مناسبة جليلة، يعني الاستعانة ب أبو الفنون هي تجربة تبشر بمسؤولية الادراك في فهم الابداع، وهنا الملاحظات النقدية مهمة، ولكنها في المرتبة الثانية هذه المرة، من أجل الاستمرارية، وعمق الاقتناع بدور وأهمية الفن!
وبمناسبة انتهاء احتفالات 40 ربيعاً على انشاء حزب الله، وانغماسه بالمقاومة المتفردة، وتكاد الوحيدة التي حققت الانتصارات العربية الإسلامية على العدو الإسرائيلي، قدم عملاً فنياً ذا قيمة، وذاكرة ذهبية بشعلة منتصرة تحت راية الفتح المبين تحت مسمى ” أبجدية النصر”، يستحق التوقف عنده لكونه نفذ وتألف وكون من عناصر شبابية، فكرت بالماضي برؤية الحاضر، ونفذت بتقنيات معاصرة تنسجم مع طموحات الشباب وعلومهم ضمن تطور واستمرارية في المفهوم المقاوم والمقاومة، والأهم استخدام علم المسرح أو المرسح بكل فصوله من الحكواتي إلى البصرية الذكية، والصوتيات الحساسة لمجتمع لا يزال يتذكر أوجاعه وانتصاراته!
قبل العرض شاهدنا أكثر من فقرة تسجيلية وفنية خاصة بالإعلام الحربي تأثرنا بها، واخذتنا إلى التحركش بالذاكرة النظيفة رغم أوجاعها والامها، وسافرنا بصرياً وفكرياً منذ سماع الشهيد السيد عباس الموسوي يقول على مشاهد تحرير معتقل الخيام: ” نحن سرقت حتى أحلامنا…إسرائيل سقطت”… هنا ارتسمت امامنا حالة من قيمة فنية قد نشاهدها في العمل بعد التأخير الذي لازمها ولم نشعر به، ولكن النتيحة كانت تحريك قيمة الذاكرة، وإضاءة جميلة، وخفوت مسرحي تمثيلي كان بالاستطاعة تلاشيه!
▪العمل
انطلقنا مع النشيد الوطني اللبناني من مليتا، صورة جوية رائعة وتفرض جمالها، إلى بيروت وجميع المناطق اللبنانية، ومن ثم نشيد حزب الله…
مجموعة من أصل 200 شخصية عاملة في ” أبجدية النصر” مشاركة على خشبة المسرح نفذت، وشكلت واقعية من قصف الصهيوني الهمجي، ومعارك خلدة، وقدوم الامام، وحقد شارون، وانطلاقة سواعد شباب المقاومة 1982، مع إشارة ذكية لعلماء جبل عامل والانسحاب الإسرائيلي من بيروت!
وحتى لا نطيل سرد ما حدث، فأي عمل مسرحي متعته بالمشاهدة نكتفي ببداية الحكاية في 11- 11- 1982 والعملية الاستشهادية للبطل أحمد قصير…من هنا اصل الحكاية، ولكم تخيل اسرار البطولة والصبر والعنفوان والبقاء في وطن لكون الذاكرة لا تزال حية وصولاً إلى الانتصارات…
شعرنا أننا في قلب الحدث…إلى دخول إبن الاقليم ” حسين ناصر الدين- شخصية محببة، غير نافرة، تحتاج إدارة جسدها”، والفنان التلقائي المنفعل سعيد بركات، وإثارة ذكية لمسجد دور الشيخ الشهيد راغب حرب !
ومجموعة مقاومة يشيدون حكاية أول عملية مصورة …وهنا السردية غاية بالأهمية من كل النواحي” كان المطلوب التعب الاهتمام الشغل على أداء الممثلين وحركة المسرح وطبيعته لا الاكتفاء بقيمة الخبرية وايصالها”!
ومرر بذكاء استشهاد السيد عباس الموسوي، وحلف خيانة فلسطين، وكرت مسبحة الشهداء، والإعلام عن سرايا المقاومة، ومتعة بصرية في استحضار القائد عماد مغنية، وحديثه عن الروح التي تقاوم فينا…فكرة ذهبية مجرد مرسحها أو مسرحها رسالة نتعلم منها.
وعودة الأسرى، وانتصار 2000 حيث غير وجهة التاريخ…إلى الآن الأفكار حية فينا، وسردها بسلاسة الحلم، ولكننا بدأنا نشعر بخلل الأداء المسرحي اخراجياً مما ولد ضعفاً في التمثيل وتحريك الإضاءة مع إننا كنا لنتوقع الدهشة ونحن نحضر العمل المشهدي المسرحي مباشرة، وهذا يختلف عن البصر التلفزيوني!
حرب تموز تدمير البارجة، مهرجان الانتصار…واستشهاد القائد عماد مغنية، تتطلب رؤية مسرحية مغايرة، وبالأخص طريقة إدخال نعش الشهيد مغنية، وهذه أيضاً لم تستغل جيدا ً، المسرح كبير، وبالإمكان جعل المشهد صادماً تأثيرياً ودامعاً فيه رسائل نتحكم بها فنياً!
الانتقال إلى حرب داعش، والذهاب إلى سوريا، والشهيد ذو الفقار واللقيس، وطيف سليماني، وتعمد رمزية حركة المسرح للدلالة أن داعش الإرهاب صناعة أميركية قدمت ببساطة جميلة لا مباشرة فيها، وصولاً إلى الصلاة في القدس حيث لا بد في لحظتها من إطلالة السيد حسن نصر الله بعد انشودة سلام يا مهدي بمشهدية شعبية لا بد منها.
▪ملاحظات سريعة
– من الظلم عدم شكر كل فريق العمل على هذه الجهود التي مورست في أرشيف المقاومة الوجود الذهبي، ولن نكتب النقد الأشمل، بقدر ملاحظات نقدية من أجل الاستمرارية، وفي العمل المقبل رؤية نقدية مختلفة، ولا بد من جلسة لفريق العمل مع مختصين للإفادة خارج اللعبة الإعلامية!
– الانشغال بتقنية (3D- Mapping ) – ثلاثية الأبعاد –
والتجسيمي المصور – Hologram – وما شابه على حساب اصول المسرح كان واضحاً، وأحياناً مربكاً لمتابعة دور السينوغرافيا المسرحية بما حملت من حضور الممثل وتقنياته وأدواته المصحوبة بدور الاكسسوارات مع الاضاءة!
هذا لا يقلل من قيمة هذا الاستخدام الذي أصاب الجمهور بدهشة وبانسجام محبب.
– إن ثلاثية الأبعاد والتجسيمي المصور ليست جديدة علينا، واستخدمت في أكثر من مهرجان وعرض مسرحي، لا بل فضائية عربية استخدمتها كمادة اساسية في برنامج تلفزيوني غنائي، ولكنها اعتمدت على فنيين ومتخصصين من ألمانيا وهولندا…والجديد هنا أن ما قدم في ” أبجدية النصر” جاءت بجهود شبابية لبنانية متعلمة جادة ومسؤولة، ولهذا وجب أن نرفع لهم القبعة!
– أداء التلميحات السمعية Autocuer لم توفق في أكثر من مكان.
– الراوي محمد كوثراني صوت رائع ومعبر عابه الحضور الخجول، وعدم تمكن المخرج المسرحي من قراءة حركة جسده والأداء التمثيلي الخطابي!
– مجموعة شباب تمثيلي واعد كنا قد شاهدنا بعضهم تلفزيونياً لم نشعر بمقدرة لافتة، ربيع الحاج صوت من غير جسد تعبيري، وهادي قدوح كان من المفرض استغلاله فتعبيراته كانت جاهزة، محمد مقدم قدم ما أمكنه مع إن المسرح يحبه لو!
– الديكور ملفت لم يستغل، والملابس مقنعة إبنة المشهد المقصود، والموسيقى التصويرية جميلة تستحق التنويه.
– مشهد البراعم بالثوب الأبيض مع الضوء كان مقحماً، وبالامكان الاستغناء عنه دون أن يؤثر على المشهدية وتداعيات احداثها، ولم يُعرف ما المقصود به، هو تكريماً للروح، أو ملائكة يرحبون بروح الشهيد…هذه المشهدية مكررة في اكثر من عمل درامي ومسرحي كل على طريقته؟!
– لا أدري لماذا غيب ذكر العلامة السيد محمد حسين فضل الله والكل يعلم دوره في انطلاقة المقاومة، وأيضاً لماذا لم يقدم مشهداً لتدمير قناة المنار وهي واجهة المقاومة، ودورها أخطر مما نتصور في حينه…اعتقد نسيان ذلك غير مقصود، ولا يوجد نية سيئة!
– كما لا بد من شكر الانتاج، والفنيين، والتنظيم، والاستقبال، وإدارة المكان الذي استقبل هذا الكم من الحضور دون الوقوع بخطأ، والمناسبة حرجة ومسؤولية، والضيوف كثر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى