هكذا تلقى جعجع كلام السيد نصر الله ….
يتسلّل الخريف الى ليل معراب بخفر. تستقبلك زخّات المطر الناعمة. في الداخل ربيع. في الداخل ينهي رئيس “القوات” اجتماعاً ليبدأ آخر. يستقبلك في وقتٍ متأخر. كان أمين عام حزب الله على وشك الانتهاء من كلمته.
كرّست الأيّام الأخيرة رئيس حزب القوات اللبنانيّة “نجم” المشهد السياسي. كلمةٌ رنّانة الأربعاء. جبهةٌ مفتوحة الخميس. إطلالة انتصارٍ الجمعة. خصّص له جبران باسيل قسماً من كلمته السبت. ثمّ نال دور “البطولة” في كلمة السيّد نصرالله الإثنين.
لم يكن جعجع يتابع كلمة نصرالله. تخبره بما ورد فيها. يبتسم مراراً. يتوقّف عند بعض نقاط الضعف في ما قيل. يستغرب، مثلاً، اتّهامه بدعم “داعش”، ويقول: “إذا كان في حدا أسوأ من حزب الله فهو داعش”.
وتخبر جعجع أنّ كلام نصرالله كان موجّهاً، خصوصاً، الى المسيحيّين. يجيب، بلهجة الواثق: “لن تقتنع من هذا الكلام إلا قلّة معروفة. أمّا غالبيّة المسيحيّين، على اختلاف انتماءاتهم، فباتوا في موقع الخصومة الشديدة مع حزب الله، ولن يتأثّروا”.
ولا يبدو جعجع قلقاً من إحالة أحداث الخميس الماضي الى القضاء. يقول: “فليفعلوا ذلك لنواجههم بعشرات الفيديوهات والصور والتعليقات”. ويضيف: “ونحن سندّعي أيضاً”.
لن يقرّر جعجع إذا كان سيردّ بشكلٍ مباشر على نصرالله. هو سينتظر الاطلاع على كلامه كاملاً، كما على ردود الفعل التي بدأت ترده ليلاً. ما كتبه فارس سعيد كان معبّراً: “كلام السيّد حسن نصرالله كرّس زعامة سمير جعجع”. هناك مئات التغريدات الشبيهة، غالبيّتها من غير “القوّاتيّين”. لعلّ نصرالله جاء ليكحّلها مع التيّار الوطني الحر فعماها. أراد أن يضرب صورة جعجع فخدمه مسيحيّاً. ولا ننسى، سنيّاً ودرزيّاً أيضاً. باتت القاعدة: جعجع في مواجهة نصرالله. “بطلان” للمسلسل اللبناني. أدوار الآخرين ثانويّة، في هذه الحلقة. سعد الحريري غائب. وليد جنبلاط متردّد. جعجع يواجه وحيداً. لا يخفي رغبته بأن يكون سامي الجميّل الى جانبه، في هذه المواجهة كما في الانتخابات، “مع القوى السياديّة كلّها”.
تشعر في معراب بأنّ الحماسة تطغى عند الجميع. رصدٌ لردود الفعل على أحداث الأيّام الأخيرة. متابعة، عن بعد، لمسار التحقيقات. متابعة، أيضاً، للتوقيفات التي استمرّت أمس لشبّانٍ “قوّاتيّين”…
لكنّ جعجع يبدو الهادئ الوحيد في محيطٍ صاخب. أخبره أشرف ريفي بأنّ صوره رفعت في مناطق سنيّة في الشمال. يسمع، من كثيرين، بأنّه ربح الانتخابات. كثيرون قالوها بعد كلام نصرالله أمس. لكنّ جعجع لا يعلّق. يقول: “ترشيحاتنا سنعلنها قبل نهاية العام الجاري. لا شيء محسوماً حتى الآن”.
“لعبة الانتخابات” تستهويه، ولعلّها تلهيه عن أحداث الأيّام الأخيرة. يسأل، يصغي، يحلّل. ثمّ يمضي الى عشاءٍ متأخّر ستخرقه مراراً التقارير عن التعليقات على كلمة نصرالله.
تغادر معراب. في الخارج خريف. وفي الداخل من يثق بأنّه ربح جولةً… والحرب طويلة وشاقّة .
داني حداد
من موقع ال mtv