رصد “هزات قانونية” داخل نقابة المحامين على مقياس ” حرية التعبير”
لم يكن آذار المنصرم شهراً عادياً في نقابة المحامين في بيروت، فقد اتخذ مجلس النقابة قراراً بإدخال تعديلات على أحكام نظام آداب مهنة المحاماة ومناقبية المحامي ضمن الفصل المتعلق بالظهور الإعلامي للمحامين، فضلاً عن قرارين بالشطب الإداري الذي يعني اعتبار أن المحامي المعني لم يعد يوحي بالثقة والاحترام اللازمين لإستمراره في أداء مهنة المحاماة، ويترتّب على ذلك الطرد من النقابة لتنتهي “المسيرة المهنية” للشخص المشطوب في عالم المحاماة، فلا يعود محامياً إلا في حال فسخت محكمة الاستئناف الناظرة بالقضايا النقابية هذا القرار.
وخلال هذا الشهر أيضاً، جرى استدعاء المحامي نزار صاغية وهو المدير التنفيذي للمفكرة القانونية الى جلسة استماع أمام مجلس النقابة فاعتذر عن حضور الأولى المقررة في ٣١ آذار، فحددت له جلسة جديدة بتاريخ ٢٠ نيسان الجاري. التعديلات المشار إليها والمتضمنة تقويضاً لإمكانية إعطاء المحامي أي رأي قانوني على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الندوات، أثار استياءً شديداً لدى المحامين الذين يتابعون قضايا الشأن العام، خصوصاً وأن المنع طال عدم إمكانية الحديث عن ملفات الفساد وهدر المال العام غير العالقة أمام القضاء الا بعد الاستحصال على إذن مسبق من نقيب المحامين.
وفي إطار هذه الأجواء غير المألوفة في إحدى أهم النقابات الأساسية الفاعلة، تقدّم ١٢ محامياً هم: جاد طعمه ونجيب فرحات وواصف الحركة وحسن بزي وعلي عباس وملاك حمية ومريم بوتاري وديالا شحادة ومحمد لمع وحسام الجواد وعروبة الحركة ومازن صفية بالطعن الأول لإبطال التعديلات أمام محكمة الاستئناف النقابية، معتبرين أنها تخالف أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية وبعض القوانين الداخلية التي تصون الحق في حرية الرأي والتعبير، وأنهم لن يرضخوا الى محاولة خنق أصواتهم. وفي وقت لاحق، وبعد تبّلغه قرار استدعائه أمام مجلس النقابة لجلسة استماعه، تقّدم المحامي صاغية بطعنٍ ثانٍ وبشكل منفرد، وعمل على إطلاق حملة مؤازرة له على وسائل التواصل الاجتماعي تربط ما بين إستدعائه للتحقيق والطعن المقدّم منه بوجه التعديلات الأخيرة.
مصادر من داخل النقابة أكدت أن استدعاء صاغية لا علاقة له بالطعن المقدّم منه حول التعديلات، والدليل أن أياً من الطاعنين الإثنى عشر الآخرين لم يتم استدعاؤهم للتحقيق معهم أمام مجلس النقابة، وأن الأمر مرتبط بشكاوى واردة الى النقابة من جهات عدة حول مخالفات مهنية ارتكبها صاغية ولا يمكن الإفصاح عنها في المرحلة الراهنة كون المعطيات المتوافرة راهناً تتمتع “بطابع السرية”، ولأن حق الدفاع مصان له، مُبدية الاستياء الشديد من تصوير الاستدعاء على أنه محاولة للنيل منه كمدافع عن الحريات العامة خلافاً لواقع الحال.
المصادر النقابية تابعت لافتةً الى أن الطاعنين الأوائل بالتعديلات تابعوا ملفهم من دون صخب إعلامي، ملتزمين الصمت لتأمين الجو الذي تفرضه الأصول المهنية بُغية صدور قرار قضائي بعيداً عن أية ضغوط يمارسها أي من طرفيّ النزاع، وأن أداء صاغية الإستعراضي قد ينعكس سلباً على ملف الطعن الأساسي الذي تقرر ضم طعن صاغية إليه. بجميع الأحوال، إن قرار محكمة الاستئناف حول الطعن بالتعديلات الأخيرة سيكون بتاريخ ٤ أيار وحينها يكون القضاء قد حسم بإسم الشعب اللبناني هذا الجدال القانوني القائم حول صوابية هذه التعديلات من عدمها.